فقدان الواقع واستعادته سيرة ذاتية لفتاة فصامية
تأليف : محمد أحمد خطاب
نشر : الأنجلومصرية
سنة النشر: 2019
وصف الكتاب
يعد كتاب سيرة ذاتية لفتاة فصامية وثيقة إنسانية ملهمة للآخرين بدون أدنى شك، ولكني مهتم أكثر بهذا الكتاب على انه رحلة رائعة لقوة الكتابة النثرية الواقعية. وكانت رينيه متأكدة من قوة الكلمات وقدرتها على حمل الرسائل متعذرة الفهم والتحليل بثقة في أن ما لا يقال بالكلمات يمكن أن يحلق فوق ما يمكن أن يقال ويوصف بالكلمات ورينيه محقة كل الحق في هذا.
ويرى البعض أن كتاب سيرة ذاتية لفتاة فصامية هو نيجاتيف الصورة السلبية لكتاب الإدراك الرمزي وموضح لما وراء علامات وأعراض الفصام وكما أن النيجاتيف ينقل الضوء والفراغ فإنه يمكن مقارنة استبطان المريض بانطباع المعالج عن سلوك المريض. وهذا التشبيه المتقارب يعطينا معلومات تمنع التقدير الخاطئ للمريض ودرجة الاستنارة عنده ..
وفي بعض الأوقات قد يمنح المحتوى اللفظى انطباعا عاما عن الألم الشديد أكثر مما يوحي مظهره الخارجي والعكس ولعله من المدهش دائما أن تكتشف أن المريض الذي يبدو مجنون أو مهووس هو في الحقيقة على دراية ووعي لما يحدث حوله. وهنا يظهر ميلا للوم المريض على أعراض مرضه على الرغم من قدرته في التحكم فيها، ناسيا أنه ليس مسئولا ولا حول له ولا قوة.
وهذا يعود بنا إلى الطبيعة الأصلية أو إلى حقيقة مرض الفصام التي تكون في تفكك عميق ومضطرب يظهر فيه فقدان التواصل مع الحياة ولكن بالذكاء الباقي عند المريض يظل على صلة بها ويعمل ككاميرا متحركة تصور وتسجل كل ما يصل إلى عدستها.
وغني عن القول أن رينيه بالكاد استطاعت أن تستجمع كل الانطباعات والمواقف التي حدثت لها خلال فترة مرضها. في الحقيقة كانت هناك فترة طويلة تعاني فيها رينيه من الفصام الكتاتوني (حالات التخشب) حينما يكون اضطرابها سببا في استحالة فهمها لما يحدث حولها أو حتى ما يحدث بداخلها ..
ولم تبقى لها أي انطباعات إدراكية في الذاكرة خلال فترات من الهوس الشديد، وهذا هو السبب في سرد الاستبطان الداخلي الذي يبدو أنه كان شاهدا على شفافية مدهشة. ولا يجب أن ننسى أن هذه الاستبطانات تمثل فترات معينة من مرضها ولحسن الحظ أن ما تبقى بذاكرتها هو الأكثر تشويقا وإثارة من الناحية النفسية.