علم النفس الفسيولوجي
تأليف : أحمد عكاشة - طارق عكاشة
- نتيجة لتوافق وربط الملايين من الرسائل العصبية والكهربية في القشرة المخية، تنشأ المشاعر بالعواطف الإنسانية المختلفة - سعادة - حزن - فرح - خوف - غضب - لذة - يأس - أمل...
- ملايين الملايين .. فيض هائل من المعلومات والمعارف - مليون - بليون معلومة - تصل إلى المخ، وتتكدس على شكل رسائل عصبية منوعة من أجهزة الحس واللمس والتفكير.
- يصفى المخ وينقي من ذاك الشتات الوارد ما يصلح الحال في اللحظة والوقت، ويرجئ الباقي للحظات تالية. أو يهمل ما هو غير لازم .. ويخزن ما يلزم لمستقبل الزمان.
- فلنلق نظرة مطولة .. ومسحاً شاملاً يلم بجوانب أنبل وأعظم جهاز بشري كونه الله لسيد مخلوقاته، الإنسان - فبالعقل ولا غيره .. ساد الإنسان الكون، وفضل على سائر المخلوقات، وسجدت له الملائكة - حين تعلم الأسماء - .. تعال نتوغل في هذا الدغل العصبي مائة بليون خلية عصبية؛ علنا نكشف بعض أسرار الخلق والإبداع الإلهي المعجز.
يدرس علم النفس الفسيولوجي الأساس الفسيولوجي والبيولوجي للظواهر النفسية المختلفة، ونعني هنا بالظواهر النفسية ما يسمى "بالنفس"، ونحن لا نستعمل لفظ "النفس"، كشيء غيبي غير ملموس، بل كشيء مادي، يخضع للقوانين العملية والتجارب المضبوطة، و بالطبع فهي تختلف تماما عن الروح، التي هي من أمر ربي، ولا تخضع لهذه الدراسات، إلا أن الكثير من الناس يمزج بين النفس والروح، و يغيب عنه أن النفس هي مجموعة الوظائف العليا للدماغ أو الجهاز العصبي المركزي، ونعنى بها الوجدان والتفكير والسلوك. ومن الدراسات التشريحية والوظيفية للجهاز العصبي، يتضح لنا أن مركز كل هذه الوظائف هي الدماغ، إذا فنفس الفرد موجودة بطريقة مادية في المشتبكات العصبية المختلفة الموجودة في الدماغ، و التي تتصل ببعض، من خلال نبضات كهربائية تخت تأثير مواد كيميائية و هرمونية خاصة، و أي تلف أو خلل في الشحنات الكهربائية أو كيفية أو كمية المواد الكيميائية، سيؤدي إلى اضطراب في وظيفة الخلية العصبية، ومن هنا تنشأ الاضطرابات النفسية والعقلية، ومن ثم يتجه الطب النفسي الحديث في العلاج لإعادة التوازن البيولوجي في الدماغ.
لقد تمكن العلماء في السنوات الأخيرة من اكتشاف بعض أسباب أمراض النفس والعقل، بدراسة التركيبات الكيميائية المختلفة في الجسم، فمثلا ثبت أن مرضى الاكتئاب يعانون هن نقص خاص في بعض الموصلات العصبية، في بعض مراكز الاتصال في الدماغ واضطراب في معادن الجسم، وأن كل العلاجات الحديثة تهدف استعادة النسبة الطبيعية لكي يشفى المريض، بل إنه أخيرا تم بفحص بعض محتويات سائل النخاع الشوكي، التنبؤ باحتمال الإقدام على الانتحار من عدمه، وكذلك درجة استجابة المريض للعلاج، وكذلك وجد أن مرضى الفصام يعانون من ضعف عام في بعض الأنزيمات، التي تؤثر على الموصلات العصبية، و تجعلها تبث في الدماغ مواد غريبة، تؤثر على الإدراك والسلوك والتفكير، وأن العقاقير المضادة للفصام تعيد التوازن لهذا الاضطراب الهرموني، بل إن البعض ادعى احتمال تشخيص مرض الفصام بعمل بعض التحليلات المعملية، مثل: النقطة القرمزية في البول، و استجابة المريض للهستامين تحت الجلد، ونوعية العرق، و قياس الموصلات العصبية في السائل النخاعي، و أخيرا التغير في نسيج المخ بالأجهزة الحديثة لتصوير الدماغ بالكمبيوتر.... إلخ، وكذلك اكتشف العلماء بأن مرضى الإدمان يصاحبه اضطرابا في التمثيل الغذائي في الجسم و نسبة الأفيونات المخية، وأن اضطراب الشخصية لها علاقة بشذوذ رسم المخ الكهربائي و بالصبغيات الموجودة في الخلية، وأن التخلف العقلي له أسبابه الكيميائية المختلفة، و التي يمكن تلافيها في بعضها إذا شخص المرض في بدء الأمر، وأنة يمكن لحامض اللينيك أن يسبب كل أعراض القلق والهـلع، مما يدل على الأساس الكيميائي للقلق.. وغيره من الأبحاث التي سنذكرها بالتفصيل في هذا الكتاب.