المسرح العلاجي : رحلة ممثل إلى الذات
تأليف : سمر قطان
الناشر : دار النهضة العربية - بيروت - لبنان
2016
الطبعة: 1
لم يكن العلاج يوماً غريباً عن المسرح، فمفهوم التطهير catharsis والذي سنتحدث عنه لاحقا بشكل تفصيلي، كان مرافقاً للمسرح منذ بدايته عند الإغريق. أما تشخيص المرض الجسدي أو النفسي diagnostic أو الاضطراب في الشّخصية التي يعاني منها الإنسان الذي يخضع للعلاج النفسي، فتوازي لغوياً (تشخيص الدور). والأمر الملفت للنظر هو أن رواد المسرح العربي كانوا يطلقون كلمة «المُشَخِّص أو «المُشَخّصاتي على الممثّل، وهي كلمة تجعل مهمة هذا الأخير على صلة وثيقة بلعب دور شخصية معينة (persona) أو بتحديد طبيعة الشخصية المطلوب تمثيلها أو «تشخيصها والتي في كثير من الأحيان تكون حالة «خارجة عن المألوف -لأننا نجد تعبير المرض أقل إنسانية، حتى أن علم النفس الحديث استبدل تعبير مريض بالزبون، أي الشخص الذي يتم التعامل معه Client.
حاول المسرح منذ بداياته فهم مجتمعه وجمهوره، فكان المرآة التي تعكس المجتمع بصدق من أجل معالجة الخلل فيه عبر علاقة لا بد وأن تكون متقاربة جداً بينه وبين هذا المجتمع والجمهور؛ كذلك الأمر فيما يتعلق بالتفاتة علم النفس إلى المسرح بحيث نجده يقارب هذا المجال منذ بداياته، وأهم ما نتج عن هذا التقارب كان ظهور تطبيق مفاهيم تحليليَّة على مواقف تتخطى التحليل extra-analytiques. ونقصد بذلك دراسة العديد من المحللين لشخصيَّات مسرحيَّة من وجهة نظر علم النفس مثل أوديب وهاملت وغيرها. وبما أنّ المسرح يقوم على الممثّل وهدف علم النفس هو الإنسان، لذلك سوف تكون مقاربة هذين المجالين من هذا المدخل تحديداً أي عند المفترق الذي يلتقي فيه الممثّل مع الإنسان، ويشكل ذلك تداخلاً بين الهويَّات غالباً ما يؤدي إلى التباس.