نوبات الصرع مرض. له علاج
تأليف : لطفي الشربيني
نشر : دار الإيمان
مقدمة المؤلف :
من وجهة نظري فإن الأطباء من مختلف التخصصات عليهم إضافة إلي واجبهم المهني في تشخيص وعلاج الأمراض، القيام بمحاولة لمساعدة الناس علي فهم الحقائق الطبية حول كل الأمور المتعلقة بقضايا الصحة والمرض بغرض تعميم الفائدة علي الجميع وإشباع رغبتهم في المعرفة بتزويدهم بالمعلومات الطبية السليمة في صورة ميسرة ومقبولة.
وأستطيع أن أؤكد بحكم عملي ومن خلال ملاحظاتي علي من يزورني من المرضي ومرافقيهم ـ أن غالبيتهم بعد الفحص الطبي المعتاد وكتابة وصفة الدواء لا يكتفون بذلك ويكون لديهم الكثير من الأسئلة والاستفسارات حول سبب المرض وكيف حدث وطريقة العلاج ونتائجه والعواقب المحتملة بالنسبة للحالة، وهذا ينطبق علي كثير من الناس من مختلف الأعمار والمهن ومستويات التعليم.
ولعل ما لمسته من تلك الرغبة المتزايدة لدى هؤلاء بصفة عامة لمعرفة الحقائق الطبية كان الدافع لي لإعداد هذا الكتاب الذي يحتوى علي المعلومات والحقائق العلمية المبسطة التي يرغب في معرفتها القارئ العادي قبل المتخصص والتي يسعى المرضي وذووهم وكثير من الناس إلي طلبها.. أما السبب الذي جعلني أختار موضوع الصرع من بين عشرات بل مئات الحالات لأمراض مختلفة تؤثر علي الجهاز العصبي والصحة النفسية فهذا شئ آخر .. والسؤال الآن: ولماذا موضوع الصرع بالذات ؟
وإجابة علي ذلك فأغلب الظن أن أي منا أثناء سيره بالشارع أو عند تواجده في عمله أو في المدرسة، أو حين كان في زيارة إلي المستشفي، قد تصادف أن رأى مشهداً لشخص يسقط فجأة ويهتز جسده قليلاً ثم يستمر لفترة من الوقت دون حراك وقد فقد الوعي بما حوله وخلال ذلك قد يتجمع الناس في محاولة لمساعدته ولا يمكنهم سوى تقديم القليل له في هذه الحالة، وهذا المشهد غالباً لا يخلو من الرهبة، بل إنه يترك في كل من يراه انطباعاً يظل ماثلاً في مخيلته لوقت طويل.
ولاشك أني وأنا الطبيب المتخصص في الطب النفسي أتأثر بمثل تلك المشاهد لأشخاص من مختلف الأعمار والمستويات لا تبدو عليهم علامات المرض حيث لا يختلفون في شئ عن الآخرين، وفي لحظة واحدة دون مقدمات تداهمهم نوبة عاتية تخرجهم فوراً من الحالة الطبيعية المعتادة، فترى الواحد منهم وكأن صاعقة قد هوت عليه فأسقطته أرضاً فاقد الوعي بلا حراك دون إدراك لما حوله وقد يتعرض في هذه الأثناء لمضاعفات تهدد حياته، ولعل ما رأيته علي مدى سنوات من هذه المشاهد المتنوعة بحكم عملي هو ما دفعني إلي اختيار موضوع الصرع دون غيره مادة لهذا الكتاب في محاولة لإلقاء الضوء علي مختلف جوانبه.
ولقد حاولت في هذا الكتاب أن أعرض الحقائق حول موضوع الصرع بأسلوب علمي مبسط دون إخلال بدقة الوصف والتفسير مع تجنب استخدام المصطلحات الطبية المعقدة، وأرجو أن أكون قد وفقت في عرض المعلومات والحقائق عن مرض الصرع، وهو أحد أهم الأمراض العصبية وأكثرها انتشاراً، وأتمنى أن يجد كل من يطالع هذا الكتاب من القراء الأعزاء علي اختلاف مستوياتهم واهتماماتهم ما يتطلعون إلي معرفته حول موضوعه، وأن يكون مصدراً سهلاً لاستقاء المعلومات التي تهم أي منا، وتهم كل مريض بالصرع وأقربائه ومعارفه. ونسأل الله الشفاء والعافية للجميع .