كَيف عَاملهُم (صلى الله عليه وسلم)
تأليف : محمد صالح المنجد
نشر : العبيكان
جمع الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم من خصال الكمال ومحاسن الصفات ما تميز به عن سائر أهل الأرض، فكان أمة جامعاً للخير، وأسوة حسنة في كافة أعمال البر، ومثالاً راقياً يحتذى في التعامل مع الناس عمومهم وخصوصهم، صغيرهم وكبيرهم، مؤمنهم وكافرهم. في كتاب موسوعي جديد بعنوان: (كيف عاملهم صلى الله عليه وسلم؟) للمؤلف الشيخ محمد صالح المنجد، نتعّرف على نبينا صلى الله عليه وسلم من جهة تعاملاته مع صنوف الناس والخلق على تباين صفاتهم وتغاير أحوالهم، نتعرّف عليه زوجاً وأباً وجاراً وصاحباً وبائعاً ومشترياً وقاضياً ومفتياً، وقد بعثه الله عبداً رسولاً، فجمّله بمكارم الأخلاق، وحلاّه بمحاسن الصفات. ولأنه لكل كتابٍ قصة، فإن قصة هذا الكتاب الموسوعة الذي يقع في أكثر من (840) صفحة من الحجم المتوسط والطباعة الفاخرة، تعود لأكثر من ثمان سنواتٍ خلَّت، حينما بدأ مؤلفه الشيخ محمد المنجد بإلقاء سلسلة من الدروس الرمضانية بعد صلاة التراويح بجامع عمر بن عبدالعزيز بالخبر بعنوان "التعاملات النبوية مع أصناف الناس"، في عامي (1427، 1428) هـ، وأكلمها بجامع خادم الحرمين الشريفين بجدة في عام (1429) هـ، ثم عرضها بشكل متنوع في برامج تلفزيونية عدة على عدد من القنوات الفضائية في السنوات التالية. والكتاب مساهمةً نوعية في تجديد عرض السيرة النبوية من خلال استعراض الجوانب الاجتماعية في حياة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وهديه في التعامل مع الناس، وابراز مواقف التسامح والاعتدال والوسطية والرحمة والإخاء الإنساني والحب والتعاون والاحترام لخلق الله تعالى، وهو يضم عدداً كبيراً من الروايات المقبولة من السنة والسيرة النبوية، مشروحة بأسلوب سهل ومختصر بعيداً عن التطويل، مع توثيق النصوص والآثار، وتقسيم الكتاب إلى أبواب سلسة تسمح بتسلسل القراءة. والواقع إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القدوة الحسنة والمثل الصالح، بما منّ الله عليه من الخلق الحسن والأدب الجم، فجعل من الاقتداء به سبيلاً إليه لمن كان يرجو الله واليوم الاخر، لذلك يروم كثيراً من الناس الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ولكن بغير علم، فيفسدون، ولا يصلحون. من هنا، يحاول الكتاب تتبّع معاملات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مع أصناف الناس، وجمع الأحاديث في ذلك، لتكون نبراساً للمقتدين وحجة للمستنين، حيث قسّم الكتاب إلى أبواب ستة هي: الأول: قدوة العالمين، ويتناول معنى القدوة وبيان أن الأنبياء هم الذين يقتدى بهم، والحديث عن جوانب الاقتداء بالأنبياء عامة، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاصة.. والثاني: تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله وأقاربه ومن حوله، ويتناول تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله من الزوجات، والأولاد، والأحفاد، والأقارب ومع من حوله من الجيران ونحو ذلك.. والثالث: تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع شرائح اجتماعية مخصوصة وهو يتناول تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع بعض شرائح المجتمع الخاصة التي لها بعض الصفات التي تحتاج إلى تعامل خاص يتناسب مع تلك الصفات مثل الخدم وذوي العاهات والفقراء والأغنياء والنابغين والمتخاصمين وغيرهم. أما الباب الرابع فهو: تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع شرائح دعوية مخصوصة، ويتناول تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع بعض الناس الذين يحتاجون إلى الدعوة، والتأليف أكثر من غيرهم مثل المسلمين الجدد والمستفتين والعصاة المذنبين والمنافقين وغيرهم.. وفي الباب الخامس وهو: تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع شرائح عامة، فيتناول تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الشرائح العامة في المجتمع مثل عموم النساء، كبار السن، الصغار وفي الباب السادس والأخير وهو تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع غير البشر ويتناول تعامله صلى الله عليه وسلم مع الجن والدواب والنباتات والجمادات وغير ذلك. ويمثل الكتاب باكورة عمل كبير يحرص القائمون عليه في مجموعة زاد للنشر أن تنطلق منه مشاريع تخصصية تربوية واجتماعية عدة، خاصة وإنه قد تم ترجمة الكتاب بنسختين الأولى ترجمة كاملة موجهة للمسلمين، وأخرى مختصرة موجهة لغير المسلمين، مع استكمال كتابة منظومة شعرية تلخص مجمل كل موضوع في نهايته. ويعكس الكتاب سنوات عدة تُمثل مواسم جميلة عاشها الشيخ محمد صالح المنجد مع طلابه ومتابعيه، كان ثمرتها هذا الكتاب الذي يُعد بحق موسوعة مصغرة في التعاملات النبوية يحتاجها كل أحد، ما يتوقع له أن يحقق إضافة نوعية وحقيقية كبيرة للمكتبة الإسلامية لما يضمه من ثراء معرفي وعرض شرعي أصيل وراق يعزز أهمية الاقتداء والتحلي الحقيقي بالقيم والأخلاق السامية للنبي القدوة الذي لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام لنجعلها منهاجنا في حياتنا وتعاملنا مع الاخر.