ثقافة العنف لدى طلبة المدارس الثانوية
الناشر : المجموعة العربية للتدريب والنشر - القاهرة - مصر
وصف كتاب ثقافة العنف لدى طلبة المدارس الثانوية
ليس ثمة شك في أن العنف ظاهرة إنسانية تخترق كل المجتمعات في القديم والحديث، في الشرق والغرب، وهذا ما يؤكد أن هناك أسباب معينة تؤدي دورًا كبيرًا في انتشار ذلك العنف. ويتضح ذلك من شيوع ظاهرة العنف كسلوك في مختلف البيئات، سواء أكانت فقيرة أم غنية، زراعية أم صناعية، وهو ما يعني أن هناك غريزة ثابتة في البشر تتجه إلى العنف مالم يتم تهذيبها.
وقد صدر في القاهرة كتاب تحت عنوان "ثقافة العنف لدى طلبة المدارس الثانوية" للدكتور محمد توفيق سلام؛ يرصد ظاهرة العنف لدى طلاب المدارس الثانوية، ويبحث العديد من الأسباب التي تجعل من العنف ثقافة، وما إذا كانت هذه الثقافة مكتسبة -بحسب نظرية التفاعل الاجتماعي التي ترى أن الناس يتعلمون العنف بنفس الطريقة التي يتعلمون بها أي نمط آخر من أنماط السلوك الاجتماعي- أم غريزة؟!
وتقوم فكرة الكتاب على أن ظاهرة العنف، وإن انتشرت بين طلاب المدارس؛ فإن هناك إمكانية للحد منها بمنهجيات تربوية حديثة يمكنها أن تؤدي دورًا كبيرًا في الحد من تلك الظاهرة، وذلك إذا تم إدراجها في خطط إستراتيجية تفاعلية بين الطلاب والمعلمين. فالعنف -بحسبانه ظاهرة إنسانية- لا بد أن يتم التعامل معه وَفقَ ذلك التصور؛ أي بكونه غريزة تحتاج إلى تهذيب وتوجيه، فليس المطلوب هو قمع العنف كغريزة، بل المطلوب هو تهذيب تلك الغريزة، واستخدامها في المواقف الأخلاقية الصحيحة؛ كالدفاع عن النفس، ونصر المظلوم، وغير ذلك.
إن العنف بصفة عامة يعد مشكلة مزعجة للحياة المعاصرة، حيث ابتليت به المجتمعات شرقًا وغربًا على حد سواء، وفى المجتمع المصري أصبحت الشكوى عامة ومستمرة، والصيحة تلو الصيحة عالية مدوية من العنف في كل البيئات، متخذًا أنواعًا مختلفة وتباينات عدة. ولقد صاحب شيوع هذه الظاهرة شيوع ثقافة خاصة بها، هي ثقافة العنف والعداوة في مجالات ومناحي الحياة، حتى باتت القوة والبلطجة مستخدمة يوميًّا في كل البيئات وثقافة راسخة في الأذهان. وتعتمد ثقافة العنف على عدم احترام القيم وتدهورها، وعدم احترام الآخر، وعدم احترام الحوار والجدل الحسن، وعدم احترام شرعية القانون وسيادته في المجتمع؛ ومن ثَمَّ فقد القانون هيبته في أذهان البعض، وأصبح الخروج عليه سلوكًا ممارسًا، وأضحى العنف قضية مطروحة بشدة لدى الساسة والمفكرين والمصلحين الاجتماعيين عامة والمعنيين بالعلوم الاجتماعية والإنسانية بصفة خاصة. ومن المؤسف أن هذه الظاهرة الاجتماعية امتدت إلى البيئة المدرسية، وعانت منها المدرسة في الآونة الأخيرة معاناة شديدة، حيث انتشرت بين طلاب العلم وفى بيئات المدارس، وأثرت على الحياة المدرسية والأداء التعليمي للمدرسة ورسالتها في المجتمع ووجود جو من التوتر في المناخ المدرسي، وإثارة قلق الأسرة على حاضر ومستقبل أبنائها. ومع تفشى وشيوع ظاهرة العنف بين الطلاب بالتعليم العام، فلا تخلو مدرسة من المدارس من السلوكيات العنيفة بأنواعها ومظاهرها المختلفة بين الطلبة وبين جدران المدارس وخارجها، فيصبح العنف لدى الطلاب مشكلة مدرسية تعرقل مسيرة التعليم والتربية.