الاتصال ونظرياته المعاصرة
تأليف : حسن عماد مكاوي ليلى حسين السيد
نشر : الدار المصرية اللبنانية
2010
وصف كتاب الاتصال ونظرياته المعاصرة
يعد الاتصال أحد السمات الإنسانية البارزة، سواء أكان ذلك في شكل كلمات أم صور أم موسيقى، مفيد أم ضار، مقصود أو عشوائي، فعلي أم مستتر، إعلامي أم إقناعي، واضح أم عامض، ذاتي أم مع آخرين. وتستخدم كلمة "الاتصال" في سياقات مختلفة، وتتضمن مدلولات عديدة فهي بمعناها المفرد تعني تبادل الأفكار والرسائل والمعلومات، وتشير في صيغة الجمع إلى لوسائل التي تجمل مضمون الاتصال.ومن الصعب أن نتخيل وجود المجتمع الديموقراطي الحديث بدون وسائل الاتصال، كذلك فإن وسائل الاتصال لا يمكن أن تدار بكامل طاقتها في مجتمع متخلف، ولذلك يصعب أن نقرر أيهما السبب وأيهما الأثر.. فخلال السنوات الأولى من القرن العشرين، كانت وسائل الاتصال الجماهيرية في مرحلة طفولتها، وكانت الجماعير متخوفة من تلك الأشكال الجديدة للاتصال.. مثل: الصحف والمجلات والسينما، التي بدأت تنتشر حولهم وحول جيرانهم وأطفالهم.
ومع بدايات القرن العشرين، بدأت النظم الاجتماعية في بعض المجتمعات الصناعية تتحول من النمط التقليدي المستقر الذي يرتبط فيه الأفراد بروابط مستقرة وثابتة، إلى مجتمع يتميز بقدر أكبر من التعقيد والعزلة الاجتماعية.
ويلاحظ المتابع للدراسات الإعلامية خلال القرن العشرين أنه لا يوجد اتفاق أساسي حول وظائف وسائل الإعلام في المجتمع، بل كثيراً ما يحدث الخلط بين الوظائف والتأثيرات. وعلى الرغم من عدم توصل علماء الاتصال لفهم كامل ودقيق لتأثير وسائل الاتصال على العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية لحياة الأفراد العاديين، إلا أن هؤلاء العلماء حشدوا قاعدة من نتائج البحوث التجريبية والمسحية التي تساعد في فهم هذه الظاهرة.
ولما كانت وسائل الاتصال تكون إحدى العمليات المركزية التي يحصل الأفراد من خلالها على فهم ذاتى للواقع الاجتماعي، فإن هذه العملية تظل موضوعاً للبحث غير محدد بوقت معين. ومع تزايد استخدام هذه الوسائل في حياة الأفراد، يصبح الدور الذي تلعبه في بناء الواقع الاجتماعي أكثر أهمية.
وبناء على ما سبق، يهدف هذا الكتاب إلى عرض نماذج الاتصال ونظرياته التي أفرزتها البحوث خلال القرن العشرين، وربطها بالأصول النفسية والاجتماعية التي أنتجتها العلوم الاجتماعية السابقة على علم الاتصال.. مثل: علم الاجتماع، وعلم النفس الاجتماعي، والعلوم السلوكية، وعلم اللغة، والأنثروبولوجي، وذلك من خلال طرح سبعة نماذج أساسية للاتصال فضلاً عن أربعين نظرية تسعى إلى شرح وتقييم ظاهرة الاتصال في المجتمعات الحديثة.
ومع ذلك، لا يدعى هذا الكتاب أنه يقدم التراث العلمي الشامل الجامع لكل نظريات الاتصال، وإنما هو محاولة علمية موضوعية لرصد خبرات البحوث السابقة، واستعراض أبرز الجهود العلمية في مجال نظريات الاتصال، والتي يمكن معها أن تسد فراغاً ملموساً في المكتبة العربية لهذا النوع من الإنتاج العلمي.
وقد تم تقسيم هذا الكتاب إلى أربعة عشر فصلاً على النحو التالي: يتناول الفصل الأول تحديد مفهوم الاتصال، وأنواعه، وخصائص الاتصال الجماهيري، والنماذج الأولى للاتصال سواء أكانت هذه النماذج الخطية أحادية الاتجاه أم النماذج التفاعليه ثنائية الاتجاه، وكذلك مكونات عملية الاتصال، وعوامل فعاليتها.
ويعرض الفصل الثاني لوظائف وسائل الاتصال الجماهيري سواء أكانت على المستوى المجتمعي الشامل أن على المستوى الفردي المحدود. ويهتم الفصل الثالث بشرح مراحل تطور الاتصال أو ما يسمى بنظرية الانتقالات وتتضمن ست مراحل رئيسية هي: مرحلة الإشارات والعلامات، ومرحلة التخاطب واللغة، ومرحلة الكتابة، ومرحلة الطباعة، ومرحلة الكتابة، ومرحلة الطباعة، ومرحلة الاتصال الجماهيري، وأخيراً مرحلة الاتصال التفاعلي.
ويستعرض الفصل الرابع الأصول الاجتماعية والنفسية المفسرة لعمليى الاتصال ويشرح بعض النماذج الاجتماعية.. مثل: النموذج التطوري، ونموذج الصراع الاجتماعي، والنظريات النقدية.. وتشمل: مدرسة فرانكفورت، والنظرية الثقافية الاجتماعية، ونظرية الاقتصاد السياسي، وكذلك النظرية البنائية الوظيفية، مع شرح منظور التحليل الوظيفي واستخداماته في دراسات الاتصال. ويتعرض هذا الفصل للنماذج النفسية من خلال وصف دور وسائل الإعلام في التطور الاجتماعي للفرد، وعرض النظريات الإدراكية.. وتشمل: نظريات التوازن المعرفي، والتوافق المعرفي، والتنافر المعرفي.
ويطرح الفصل الخامس من الكتاب النظريات المرتبطة ببناء الواقع الاجتماعي وتشمل: الدلالة اللغوية، والنسبية الثقافية، والتفاعلية الرمزية، والتوقعات الاجتماعية، والمخططات الذهنية لمعاني الواقع، ثم عرض لدراسات الواقع المدرك من وسائل الإعلام. ويهتم الفصل السادس بنظرية حارس البوابة الإعلامية، والمتغيرات المؤثرة على قيام القائم بالاتصال بدوره.
وتم تخصيص الفصل السابع لدراسة محتوى الرسالة الإعلامية واستراتيجيات الإقناع من خلال شرح أنواع الاستمالات المستخدمة في الرسائل الإعلامية، وأساليب الإقناع المختلفة، وعرض نظريات الإقناع وتشمل: الاستراتيجية السيكودينامية، والاستراتيجية الاجتماعية الثقافية، واستراتيجية بناء المعنى. وتطرق الفصل الثامن إلى مفهوم المجتمع الجماهيري، مع شرح تفصيلي لنظرية الآثار الموحدة. ويهتم الفصل التاسع بشرح بظرية التأثير الانتقائي من خلال ثلاثة مداخل أساسية هي: مدخل الفروق الفردية، ومدخل الفئات الاجتماعية، ومدخل العلاقات الاجتماعية. وتنطوى هذه المداخل على أربعة نظريات إعلامية هي: الإنتقائية، والاستخدامات والإشباعات، وتدفق الاتصال على مرحلتين، وانتشار المبتكرات.
وتم تخصيص الفصل العاشر لعرض نظريات التأثير القوى لوسائل الإعلام وتشتمل على ثلاث نظريات هي: نظرية "ليرنر" لاجتياز المجتمع التقليدي، ونظرية "مكلوهان" للاتصال كامتداد للحواس، ونظرية "نيومان" "دوامة الصمت الخاصة بدراسات الرأي العام.
ويتطرق الفصل الحادي عشر إلى شرح نظريات التاثير المعتدل لوسائل الإعلام من خلال ثلاث نظريات هي: ترتيب أولويات الاهتمام، والإنماء الثقافي، والاعتماد على وسائل الإعلام. ويتناول الفصل الثاني عشر نظريات المعرفة من وسائل الإعلام وتتضمن أربع نظريات هي: التماس المعرفة، وفجوة المعرفة، وتمثيل المعلومات، وتحليل الإطار الإعلامي.
ويغرض الفصل الثالث عشر لبعض النظريات المفسرة للعنف في وسائل الإعلام وتشتمل على خمس نظريات هي: التطهير، والاستثارة، والتدعيم، والنموذج، والتوحد. وأخيراً يتناول الفصل الرابع عشر دراسة آثار وسائل الإعلام من خلال مجالات الاهتمام الاجتماعية والاقتصادية، والمناهج المستخدمة في دراسات الإعلام، ومجالات دراسة الآثار، ومصادر التأثير ومستوياته، وختم هذا الفصل بعرض نموذج مقترح لدراسة فعالية وسائل الاتصال.