الفصل بين النفس والعقل
تأليف : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
نشر : مكتبة دار المنهاج
1439
وصف كتاب الفصل بين النفس والعقل
يتفق أهل المعرفة أن الإنسان كما أنه مركب من أعضاء مشاهدة ، فإنه مركب من معاني غير مشاهدة، وأنه ليس مكونا من معنى واحد، يأتمر بأمره وينتهي بنهيه؛ وإنما دوافعه إلى الإرادة ناتجة عن أشياء مختلفة فيه، قد تتفق على شيء، وقد تختلف على شيء آخر، وقد تختلف وتتفق على شيء، ويختلف مقدار الميل إليه، فيمتزج في الإنسان حب وكره، ورضا وغضب، وخوف وأمن، وضيق وانشراح، بحسب ما يوجد في تلك الدوافع من ميول وحقائق، وربما يسميه بعض الفلاسفة ب( الذات المنقسمة).
وإرادة الإنسان مركبة من نفس وعقل، وكل واحد منهما وعاء لمعان معينة، وانفصالهما في الاحتواء لا يعني أنهما يختلفان في محتواهما من كل وجه فقد يكون المحتوى في النفس والعقل واحدا، ولكن الدوافع إليه مختلفة؛ لأن المكاسب مختلفة فاختلفت الدوافع.
والنفس وعاء للرغبات والشهوات، والميول وتقبل الأعراض، والعقل وعاء للعلم والمعارف والتجارب، وكل واحد منهما له دوافعه، ومن ثم غاياته، وسمي بعض الفلاسفة ذلك ب(تناقض الاختيار)، وإذا حسم الإنسان الاختيار بترجيح رأي على رأي، وجد في نفسه بقيه من مخالفة وتردد وذلك من بقايا القناعة الضعيفة، وتؤثر في ترډده وتشكله بحسب قوتها، ومنهم من يسمي تلك الاعتراضات في النفس بالأشباح ... .