عوامل الشخصية لدى كاتل
ريموند بارنارد كاتل R.B. Cattell عالم نفس إنجليزي هاجر إلى أمريكا منذ أواخر الثلاثينيات، وعمل أستاذا باحثـاًً في جامعة إلينوي ومديراً لمعمل تقدير الشخصية وتحليل السلوك IPAT، وعلى الرغم مـن تخرجـه مـن جامعـة لنـدن وتأثره بكل من وليم مكدوجل و تشارلز سـبيرمان الإنجليـزيين وكـذلك سـيجموند فرويـد النمسـاوي، فـإن القـارئ لـ كاتل يستطيع أن يلمس توجها أمريكياًً لبحوثه وإضافاته؛ وليس إنجليزيا ولا منتمياًً إلى من يدُْعَوْن بعلماء نفس القارة (أوروبا)، ومن ناحية أخرى فإن كاتل يدين بالفضل – ككل المحللـين العـامليين – إلى تشـارلز سـبيرمان الـذي تلقى تدريبه المبكر على يديه عندما كان بجامعة لندن، ويدين كذلك لـ لويس ثرستون الأمريكي بما أدخله مـن تطور على التحليل العاملي .
كاتل له نظرة خاصـة إلى التحليـل العـاملي، لـيس عـلى أنـه مـنهج لتلخـيص البيانات، بل على أنه وسيلة مهمـة جـداً للكشـف عـن الوحـدات السـببية Causal unities، أي: السمات الأساسية (المصدرية) التي تكمن خلف تجمعات السمات السـطحية التـي تـرتبط بمتغـيرات الشخصية.
وقد جمع كاتل بين تمكن نـادر مـن طـرق التحليـل العـاملي بوصـفه منهجـاً لتحليـل المتغـيرات المتعـددة Multivariate، وبين دراساته المستفيضة لقطاعات عريضة في الشخصية، وقد أجرى – أكثر بكثير من جيلفورد - عددا كبيراًً من الدراسات العاملية، تضم المصفوفات فيها عددا كبيراًً من المتغيرات، ويعد برنامج كاتـل مـن أكـثر المشروعات طموحا في علم النفس، إذ يهدف إلى أن يفسر الفروق الفردية في كل مجـال مـن مجـالات الحيـاة، مـع وضع مقاييس دقيقة لكل من القدرات والدافعية والشخصية والحالة المزاجية، وقـد نشـأ عـن هـذا المشروع قـدر هائل من البيانات، نتج عن تطبيق استخبارات واختبارات كثيرة أصـبحت شـائعة الاسـتخدام .
قياس الشخصية عند كاتل
خطط كاتل لدراسة الشخصية، ومن ثم قياسها عن طريق ثلاثـة أوسـاط أو مستويات، هي:- أ - بيانات سجل الحياة L data (life record data): وهي بيانات الحياة التي تغطي مجـال السـلوك في وضـعه الطبيعي (المواقف اليومية)، وتقاس بتقديرات السلوك عن طريق ملاحظين أكفاء.
- ب- بيانـات الاسـتخبارات Q data (questionnaire data): وهـي عوامـل الاسـتجابة التـي تعتمـد عـلى سـلوك الاستخبار الذي يعده مجرد سلوك، ويقيس كاتل هذا النوع من البيانات عن طريـق اسـتخباره للشخصـية ذى الستة عشر عاملاً.
- ج- بيانات الاختبـارات الموضـوعية T data (objective tests data): وهـي البيانـات المسـتخرجة مـن ملاحظـة استجابات الشخص في موقف اختبار موضوعي مقنن (وليس في استخبار)، وتستخرج البيانات الموضوعية من قياسات أدائية تجريبية وفيزيولوجية متنوعة.
ويذكر كاتل أن الاتفاق قد ظهر بين العوامل المستخرجة من هذه الأوساط الثلاثة مُبرزا بنـاء الشخصـية ، وأن هنــاك مــا يقــرب مــن عشريــن أو ثلاثــين مــن العوامــل ذات الأهميــة العامــة، وقــد حــدد ســتة عشر عــاملاً في مجــال الاستخبارات، وما يقرب من عشرين عاملاً في مجال الاختبارات الموضوعية .
السمة عند كاتل
السمة عند كاتل وحدة دائمة لا تخبو أو تتلاشى مثل الحالة State , إنها موروثـة أو تتطـور خـلال سـنين الحيـاة، وهـي توجه السلوك بشكل منتظم، والسمات مرتبة على شكل هرمي متدرج، من الأكـثر عموميـة والأقـل في عـددها إلى الأكثر خصوصية والأكثر في عددها، والسمة المشتركة Common هي تلك السمة التي يمكن قياسها لدى كل الناس بنفس الاختبارات، بحيث يختلف الناس فيها في الدرجة وليس في الشكل، ومن ثم فمن الممكن أن يكون لكل فـرد مركز على بعد السمة المشتركة؛ من المنبسط إلى المنطوي على سبيل المثـال..وعـلى العكـس مـن ذلـك فـإن السـمة الفريدة Unique هي تلك السمة التي تخص فرداً ما، بحيث لايوجد شخص آخر يمكن أن يكون لـه درجـة عليهـا ، أي: على البعد الخاص بها، ومثال ذلك ميل الشخص إلى أن يرفع صوته في نهاية كل جملة، ولم يهـتم كاتـل بهـذا النوع من السمات الفريدة إلا قليلاً .
تحديد السمات عند كاتل
تعُـــد نظريـــة كاتـــل نظريـــة في ســـمات الشخصـــية كـــما تســـتخرج بالتحليـــل العـــاملي، والطريقــــة الأخــــيرة لاســــتخراج الســــمات وتعيينهــــا هــــي التــــي تفرقهــــا عــــن نظريــــة السمات لدى جوردون أولبورت، وقد وجه كاتـل اهتمامـه إلى تحديـد السـمات الأساسـية للشخصـية، فبـدأ بتجميع كل أسماء الشخصية على أساس مصدرين أولهما: المعجم الذي وضعه أولبـورت، و أودبـيرت عـام 1936؛ حيث توصلا إلى قائمة قوامها 17953 اسـماً مـن أسـماء السـمات، وثـانيهما: الـتراث الطبـي الـنفسى (السـيكياتري) والسيكولوجي .
وقد خفض هذه القائمـة بـادئ ذي بـدء إلى (160) اسـماً مـن أسـماء السـمات بحـذف المترادفـات الواضحة، ثم أضاف إليها (11) سمة أخرى اعتقد أنها مهمة، وبعد ذلك استخدم قائمة السمات هذه (قوامهـا 171 بنداً) في استخراج تقديرات الزملاء بعضهم لبعض في عينة غير متجانسة من مائة راشد، ثم حسبت الارتباطات بـين هذه التقديرات وحللت عامليا، وأردفت بتقديرات أخرى لعينة من (208) من الرجال عـلى قائمـة مخـتصرة، وقـد أسفرت التحليلات العاملية للتقديرات الأخيرة عن التوصل إلى ما وصفه كاتـل بأنـه السـمات الأساسـية الأوليـة للشخصية Primary source traits of personality.
وتوصل كاتل باتباعه هذا المنهج إلى تحديد ستة عشر عـاملاً للشخصـية، يقيسـها الاسـتخبارالمعروف بهـذا الاسم Sixteen Personality Factor Questionnaire (16PF) وهو يرى أن هذا العدد من العوامل ليس كـل عوامل الشخصية، بل يمثل فقط قرابة ثلثي التباين في مجال الشخصية .
العوامل الستة عشر للشخصية
توصل كاتل عن طريق الإجراءات التي أوضحناها في الفقرة السابقة وبمساعدة منهج التحليـل العـاملي - إلى عزل ستة عشر عاملاً أساسياً في الشخصية وتحديدها ، وهذه العوامل ثنائية القطب هي :
1- الانطلاق A: Cyclothymia: (أو الشيزوثيميا مقابل السيكلوثيميا): يتصف الشخص ذو الدرجة المرتفعة على قطب الانطلاق (السيكلوثيميا) بأنه اجتماعي صريح وسهل المعاشرة وعاداته تكيفية، بينما يتسم الشخص ذو الدرجة المرتفعة على قطب »الشيزوثيميا« بأنه منعزل محافظ متصلب غير مكترث وحذر.
2- الذكاء B: Intelligence: هذا العامل ليس هو – ببساطة – القدرة العقلية، ولكنـه يمثـل تلـك التركيبـة التـي تربط بين الصفات العقلية وسمات الشخصية، وترتبط الدرجـة المرتفعـة في هـذا العامـل بصـفات مـن مثـل: مثابر، ومفكر، ومثقف، وله ميول قوية.
3- قوة الأنا C: Ego strength: يمثل هذا العامل الاتزان الانفعـالي مقابـل العصـابية أو عـدم النضـج الانفعـالي ، ويحصل على الدرجة المرتفعة الشخص الناضج الثابت الواقعي دمث الخلق، المتحرر من الأعـراض العصـابية ، وهو كذلك واقعي بالنسبة لأمور الحياة، ليس لديه هموم ولا أعراض خاصـة بتـوهم المـرض، هـادئ، صـبور ، مثابر، يعُْتمََدُ عليه.
4- السيطرة E: Dominance: يمثـل السـيطرة وحـب السـيادة والعدوانيـة والخشـونة وحـب التنـافس وكـذلك الزعامة، والشخص الذي يحصل على درجة مرتفعة، واثق من نفسه، مؤكد لهـا، لا يهمـه معارضـة النـاس لـه وعدم الاتفاق معهم، والقطب المقابل هو الخضوع والتواضع والطاعة والذوق والاتفاق مع الناس.
5- الاستبشار F: Surgency: يقابل هذا العامل بين المبتهج المرح الاجتماعي الحيوي سريـع الحركـة ذي الدعابـة المتحدث اللبق بوصفه قطباً، وبين المكتئب العابس الجاد المتشائم المنعزل القَلِق الميال إلى الاستبطان متقلب المزاج في القطب المقابل، وهو غير العامل الأول هنا.
6- قوة الأنا الأعلى G: Superego strength: يشـبه الأنـا الأعـلى في التحليـل الـنفسي، ويصـف الشـخص المثـابر المتحمل للمسؤولية والثابت انفعالياً، وطرفه المقابل ضعف المعايير الخلقية الداخلية وعدم المثابرة والتقلب.
7- المغامرة H: Venturesomeness: يمثل الجرأة والمغامرة والإقدام وحب الاجتماع بالناس، مـع ميـل قـوى إلى الجنس الآخر، ودود، صريـح، واثـق مـن نفسـه، في مقابـل صـفات مـن مثـل الجـبن، والخجـل، والانسـحاب، والإحجام، والجمود، والعدوانية.
8- الطراوة I: Protected emotional sensitivity: يقابل هذا العامل بين قطبين أولهـما: الحساسـية، والعقليـة الجمالية الخيالية، والاتكالية الأنثوية، والنزعات الهستيرية، وثانيهما: الصلابة، والواقعية، والاكتفاء الذاتي.
9- التـوجس L: Suspiciousness: الميـل إلى الشـك والارتيـاب في الآخــرين والغـيرة مـنهم، مقابـل الثقـة فــيهم وتقبلهم.
10- الاستقلال M: Non-conformity: يميـز هـذا العامـل الشـخص ذا التفكـير الـواقعي العمـلي المسـتقل (غـير الاتفــاقي أو الاصــطلاحي)، في مقابــل الشــخص ذى المــزاج الاجــتراري والبــوهيمي المنطــوى والــذاهل ضــيق الاهتمامات.
11- الدهاء N: Shrewdness: يقابل هذا العامل بين الـدهاء والتـبصر والفطنـة وعـدم الجمـود، وبـين السـذاجة والخرق، ونقص الاستبصار بالذات.
12- الاستهداف للذنب O: Guilt proneness: عامل ثنائي القطب يشـمل الميـل إلى الشـعور بـالإثم، والمخـاوف ، والقلق، والشك في مقابل الثقة بالنفس، والاكتفاء الذاتي.
13- التحرر Q1: Liberation: عامل يقابل بين التحرر والمحافظة.
14- الاكتفاء الذاتيQ2: Self-sufficiency: الاعتماد على النفس وتقرير الشخص لأموره بنفسه، في مقابل مسـايرة الجماعة، وتقبل القيم السائدة في المجتمع.
15- الـتحكم الـذاتي في العواطـف Q3: Self-sentiment control: قـوة ضـبط الـنفس وتقبـل المعـايير الخلقيـة للجماعة، بالإضافة إلى الطموح، والمثابرة، واحترام الغير، في مقابل ضعف ضبط الذات.
16- ضغط الدوافع Q4: Ergic tension: التوتر، والقلق، وسرعة الاستثارة، في مقابل الدرجة المنخفضة من ضغط
الدوافع وشدتها.