أنموذج هربارت في تصميم الدرس
عـاش الفيلسـوف الألمـاني يوهـان فردريـك هربـارت Y. F. Herbert في القرن التاسع عشـر (1841-1736 م)، ويعد أول مـن كتـب عـن التربيـة بأسـس علميــة معتمــدا عــلى علــم الــنفس والأســس الأخلاقيــة. و قــد عمــل هربــارت Herbert جاهداً على ربط علم النفس في عصـره – علم النفس الربطي – وبين التربية. فوضع خطوات محددة في التدريس إلا أن طلابه عملوا على اكتمالها.
لقــد رأى هربــارت Herbert أن التعلــيم هــو عبــارة عــن ربــط الأفكــار الجديدة بأخرى قديمة موجـودة في العقـل سـابقاً، لـذا لا بـد مـن إثـارة يقظـة الأفكار القديمة عند المتعلم كي يبني عليها ما هو جديد، وذلـك شــريطة تـوافر الاهتمام، فـما دام المـتعلم يهـتم، سـاعد ذلـك عـلى التفاعـل، وإلا فقد عمليـة الترابط بين الأفكار القديمة والجديدة.
هذا وقد بنى هربارت طـريقته على النظام الذي يسير عليـه الفكـر في الوصول إلى المعلومات، وكان يعتقد أن البيئة تلعب دوراً كبيراً في تكوين العقل، وقد أنكر الغرائز والميول الفطـرية، واعتقد أن العقل فراغ تصل إليه الأفكار من الخارج، وهـذه الأفكـار في نظـره هـي أبسـط عناصــر الشـعور أو شـبه، وهـي جزيئات يتكون منها العقل، والمثل الأعلى الذي تهـدف إليـه التربيـة عنـده هـو تكوين الأخلاق.
إلا أن هـذا النمــوذج لا يعـد صــالحاً في عصــرنا هــذا، لأنـه يعتمــد عــلى تحضير المعلم وعمله، لا عمل الطالب ونشاطه وتفاعله، ولا يلفـت إلى التفاعـل الصفي ولا إلى التغذية الراجعة Feed Back للمعلم أو المـتعلم التـي تقـود إلى الأهداف المتقنة من قبل المتعلم.
خطوات هربارت
وقد أوضح هربـارت Herbert خطـوات عرفـت بـالخطوات الشـكلية أو خطوات هربارت في التدريس، وسميت بالشكلية لأنها تعني بالصورة والشـكل لا بمحتوى الدرس ومادته، فهي خطـوات عامـة لا تصـوّر تفصـيلي للـدرس، وهـذه الخطوات الخمس التي وضعها هربارت هيأ - خطوة المقدمة أو التمهيد :
تتلخص هذه الخطوة بإثارة الطلاب لتقبـل معلومات جديدة، وبمعنى آخر إثارة الدافعية لديهم للتعلم واسـتعدادهم لـه، فلا بد للمعلم أن يلم جيداً في مادته وموضوع درسه، ومراعاة الفروق الفرديـة بين المتعلمين، ومن شـروط هذه المقدمة وضوحها ومناسبتها للمتعلم، ويجـب أن تكون حلقة لتنظيم معلومات التلاميـذ تنظـيماً خاصـاً يفيـد الـدرس، وأن لا تكون مطوله تسبب الملل، وتكون المقدمة بتهيئـة المتعلمـين لإسـتدعاء خـبرات سابقة لهم، كمراجعة للدرس السابق أو ما شابه ذلك، وربط ذلك بدرس جديد، ليقود ذلك لتحقيق أهداف الـدرس بوضـوح. و إلا فـإن المـتعلم لـن يشـارك في الدرس، فيكون موقفه سلبياً خارج نطاق الدرس، ينصت ويجيـب عـن الأسـئلة ألموجهه إليه. إلا أنه ليس سهلاً الوصول إلى تمهيـد مـؤثر للـدرس، وهـذا سـبب عــزوف الكثــير مــن المعلمــين عــن المقدمــة، إلا أن هــذا الوصــول يصــبح ســهلاً بالتدريب، والتمرين على إعداد مقدمات للدرس.
ب – خطــوة العــرض :
ب – خطــوة العــرض :
نقــدم هنــا معلومــات جديــدة بطـــرائق تعليميــة متعددة، بمشاركة المتعلم في خبرات مباشـرة ميدانية أو غير مباشـرة يتقدم عبرها المتعلم، فلقد كانت هذه الخطوة مجرد توصيل المعلومات للتلاميـذ، لكـن مهـما كانت الأرآء، فيجب أن تكون غاية المدرس أن يضع التلاميذ أمام خبرات مباشــرة أو غير مباشـرة يتعلم بها. و تعد هذه الخطـوة مـن أكـثر الخطـوات أهميـة لأن المعلم يخص لها الكثير من تفكيره وتخطيطه فيختار مـن المـادة مـا يـراه مناسـباً للتلاميــذ ويقــدمها عــبر يسلســل مناســب مرتــب يكــون الســابق ممهــد للاحــقومساندا له في فهمه، حيـث يعـرض الأمثلـة ويناقشـها بأسـئلة َّ موجهـه للتلاميـذوإجابات يتلقاها. و طـريقة العرض تختلف تبعاً للمادة الدراسية، وتهُمـل هـذهالخطوة عندما يكون الـدرس كلـه في تطبيـق نظريـة أو قاعـدة قـدمت في درس سابق.
ج - خطــوة الــربط والمقارنــة :
ج - خطــوة الــربط والمقارنــة :
تقــوم عــلى إقامــة علاقــات ومقارنــة بــين المعارف الجديدة من جهة والمعلومات السابقة من جهةٍ أخرى. و هذا مـا يقـود إلى خطوة التعميم، فهذه الخطـوة صـعبة ودقيقـة لأنهـا تتطلـب ضـبط الـنفس وعدم الاستعجال والتسـرع للوصول للنتيجة حتى يـتمكن الجميـع مـن مناقشـة الأمثلة وتفحصها، فيوجه المعلم أسئلة عما تعلمه التلاميذ، فإن وجد أنهم أجـابوا وصلوا إلى مرحلة التعميم، وإلا عُـرض أسـئلة تـؤدي إلى ربـط تجـاربهم وتنظـيم معلومات حتى يصلوا إلى القاعدة أو الفكرة العامة. و هنا يلعب نشـاط المـتعلم دوراً في تربيته. و إن فشل المـدرس في ربـط المعلومـات القديمـة والحديثـة، فـإن ذلك سيؤثر في بقية الدروس القادمة التي تعتمد عـلى معلومـات سـابقة لتكـون قاعدة لما هو جديد من معلومات وأفكار.
د - خطوة التطبيق :
د - خطوة التطبيق :
بعد أن يحصل المتعلم عـلى معلومـات، فإنـه يطبقهـا ويجعــل لهــا معنــى لديــه، فيســتوعبها بشــكل جيــد بإشـــراف المعلــم، ويعطــي هربارت Herbert هذه الخطوة أهميـة كبـيرة فهـي تثبـت المعلومـات القديمـة وتعزيزها وتهيئ لتعلم جديد مـما يزيـد مـن ثقـة المـتعلم بنفسـه فـيمضي نمـو التعلم. و هذه الخطوة تطبق بطـريقة مباشـرة في العلوم الطبيعية والرياضـيات و، وبطـرقة غير مباشـرة في العلوم الطبيعية والرياضية وقواعد اللغـة. هـذا وقـد يجعل معظم المعلمـين خطـوة التطبيـق هامـة وضــرورية لكونهـا تتطلـب مـن المتعلم تطبيق ما تعلمه في نهاية الدرس، مثل كتابـة مقـال أو حـل الـتمارين، أو اختبار ما، أو قد يؤجلها إلى درس قادم عند مرافقـة التلاميـذ لزيـارة ميدانيـة إلى مصنع أو مزرعة أو متحف، ويطبق فيها ما تعلمه التلميـذ فـلا بـد مـن الاعتنـاء بخطوة التطبيق.
هـــ - خطــوة التعمــيم والتلخــيص :
هـــ - خطــوة التعمــيم والتلخــيص :
نصــل في هــذه الخطــوة إلى القــوانين والنظريات العامة، إلى التعاريف والقواعد، وعندما يسير الـدرس عـبر الخطـوات السـابقة، فإنــه يســهل عمليـة الاســتقراء أو التعمــيم، وذلـك بمشــاركة المتعلمــين بأنفسهم بذلك، فمقارنة الحقائق والأشياء يبعضها البعض وبيان علاقاتها، فيعمل العقل على بيان ما هو مشترك وما هو مختلف فينتزعه ويبني حكماً صادقاً عـلى الحقائق أو الأشياء، ويصدر حكماً على شكل قاعدة أو نظرية أو تعريـف، فمنهـا يكون المتعلم من هذه الأفكار الجزئية فكرة علمية تقـوده لنظريـة أو قاعـدة أو تعريف ما.
- بنــى هربــارت Herbert خطواتــه عــلى رأي خــاطئ في علــم الــنفس، وبالأخص في كيفية تفكير الإنسان، حيث نادى أن العقل خالٍ من كل شيء، وأن الأفكار يمكنها أن تدخل هذا العقل وتخرج منه كلـما أرادت، فالعقـل في نظـره ليست له قوة على أن ينشئ أو يبدع أفكاراً. . . و هذا رأيٌ خاطئ.
- نظر هربارت إلى المواد الدراسـية عـلى أنهـا مـواد لفظيـة فحسـب، وفي الحقيقة الأمر مختلف، حيث أن هناك مواد لكسب المهارات، ومـواد علميـة لا يمكنها إتباع خطوات هربارت، ففي الكثير من الـدروس لا نحتـاج إلى خطـوات هربارت.
- نظر إلى المدرس كأنه آلـة، فهـي ترسـم لـه خطـة واحـدة بحيـث يسـير باتجاه واحد، لا تدع له حرية التفكير، فالمدرس الهربارتي يهـتم بمـذكرة الـدرس ويحاسب عليها.
- هي نظـرة متناقضـة، لقـد ادعـى هربـارت أن الأطفـال متسـاوون، لأن العقل يتكون من العالم الخارجي، فالأطفال الهربارتيين عندما يولدون ذو عقول بيضاء، هذا على أساس أنه يوجد أطفال متشابهان. . . و هذا خطأ.
- موقف المتعلم الهربارتي سلبي، فهو مستقبل للمعلومات.
- إن التربية عملية معقدة وبطيئة لا تـأتي بســرعة كـما اعتقـد هربـارت Herbert وأتباعه، فهي عملية مستمرة تبـدأ مـن المهـد إلى اللحـد، وهـذا هـو سبب تعقدها، والتدريس ما هو إلا مظهر من مظاهر التربية.
- نظرية هربارت Herbert تهتم بشكل التدريس وتهمل طبيعة المادة، أو تغالي في التفرقة بين الشكل والمادة.
هذه الخطوات الخمس لا تصلح للتطبيق كلها، وبالترتيب نفسه. فقـد لا يقتصـــر المــدرس حتــى نهايــة الــدرس كلــه ليقــوم بخطــوات الــربط والتعمــيم والتطبيق، بعد تقويم جزء مـن الـدرس فقـد لا يـتلاءم طبيعـة الـدرس لعمليـة التطبيق أو التعميم، وهنا لا بد من خبرة المعلـم ومرونتـه في التكيـف والـتلاؤم مع الخطوات السـابقة، وفي الحقيقـة إن هربـارت Herbert لم يقصـد تطبيقهـا على كل درس من الدروس على حدة مهما كان نوعه، وإنما قصـد تطبيقهـا عـلى كل وحدة درساً واحداً أو عـدة دروس مترابطـة مـا دامـت ترمـي في النهايـة إلى كشف حقيقة عامة أو مدرك كلي جديد على التلاميذ أو قانون عام.
نقد خطوات هربارت
لقد تعرض هربارت Herbert للنقد، وذلك على النحو الآتي :- بنــى هربــارت Herbert خطواتــه عــلى رأي خــاطئ في علــم الــنفس، وبالأخص في كيفية تفكير الإنسان، حيث نادى أن العقل خالٍ من كل شيء، وأن الأفكار يمكنها أن تدخل هذا العقل وتخرج منه كلـما أرادت، فالعقـل في نظـره ليست له قوة على أن ينشئ أو يبدع أفكاراً. . . و هذا رأيٌ خاطئ.
- نظر هربارت إلى المواد الدراسـية عـلى أنهـا مـواد لفظيـة فحسـب، وفي الحقيقة الأمر مختلف، حيث أن هناك مواد لكسب المهارات، ومـواد علميـة لا يمكنها إتباع خطوات هربارت، ففي الكثير من الـدروس لا نحتـاج إلى خطـوات هربارت.
- نظر إلى المدرس كأنه آلـة، فهـي ترسـم لـه خطـة واحـدة بحيـث يسـير باتجاه واحد، لا تدع له حرية التفكير، فالمدرس الهربارتي يهـتم بمـذكرة الـدرس ويحاسب عليها.
- هي نظـرة متناقضـة، لقـد ادعـى هربـارت أن الأطفـال متسـاوون، لأن العقل يتكون من العالم الخارجي، فالأطفال الهربارتيين عندما يولدون ذو عقول بيضاء، هذا على أساس أنه يوجد أطفال متشابهان. . . و هذا خطأ.
- موقف المتعلم الهربارتي سلبي، فهو مستقبل للمعلومات.
- إن التربية عملية معقدة وبطيئة لا تـأتي بســرعة كـما اعتقـد هربـارت Herbert وأتباعه، فهي عملية مستمرة تبـدأ مـن المهـد إلى اللحـد، وهـذا هـو سبب تعقدها، والتدريس ما هو إلا مظهر من مظاهر التربية.
- نظرية هربارت Herbert تهتم بشكل التدريس وتهمل طبيعة المادة، أو تغالي في التفرقة بين الشكل والمادة.