الخصائص النفسیة والاجتماعیة للشيخوخة
تعتري مرحلة الشيخوخة العديد من التغييرات النفسیة والاجتماعیة أسوة بالتغییرات الجسدیة التي تظھر آثارھا بوضوح ابتداء من سن الستين. وقد أظھرت العدید من المقاییس النفسیة حصول تراجع وتقھقر في الفعالیات النفسیة والعقلیة لدى المسنّ، مثل التدھور في قدرة المسنّ على إطلاق الأحكام، والتأخر في إصدارھا حیال المواضیع التي تتطلب منه إبداء الرأي، التفاعل المناسب مع الوقت، القدرة على التدرب من جدید دون وجود خبرات سابقة، والقدرة على اكتساب أمور جديدة في مجالات عدیدة. كما تصبح المھمّات التي تتطلب المشي من المسنّ صعبة، خصوصًا إذا ما اقترنت بأنشطة جسدیة متواصلة. ویحدث إبطاء في العملیات الجسدیة والسیطرة الذاتیة على ردود الفعل النفسیة والجسدیة. تمتاز ھذه المرحلة أیضًا بعدم میل المسنّ إلى إظھار المرونة في وجھات النظر حیال القضایا والأمور التي یتعامل معھا، إضافة إلى تدھور متزاید في قدرتھ على التعامل مع وضعيات جدیدة ومقاومة كل تغییر محتمل .
وتظھر مقاییس واختبارات الذكاء أیضًا انخفاض معدلات الذكاء لدى المسنین مقارنة بالأشخاص الأصغر سناً. مع العلم أن مثل ھذه المقاییس بینّت تدھورًا أقل على مستوى القدرات الأكثر استخدامًا من قبل المسنّ مثل المفردات، المعلومات العامة،وفھم المعاني، مقارنة بمقاییس استخدمت للتحقق من إدراكھم للمفاھیم المجرّدة. ویجمع العلماء على أن مثل ھذه التغییرات تظھر بوضوح ابتداء من سن الستین وما فوق، وھي في الحقیقة بمثابة آثار تغییرات التي تطرأ على الوظائف العقلیة. فالبعض منھا یتدھور بطریقة منتظمة وثابتة منذ مرحلة الرشد، والبعض الآخر یتدھور بشكل مستمر منذ مرحلة الرشد، ومن ثم یتسارع في مرحلة الشيخوخة. ویبقى البعض الآخر منھا ثابتاً في مرحلة الرشد حتى یظھر تدھورًا واضحًا في مرحلة الشيخوخة .
في الواقع تعد الشخصیة في مرحلة الشیخوخة بمثابة التطوّر الطبیعي والحتمي لكل المكتسبات التي حصل علیھا المسنّ في حیاتھ السابقة. وتصبح خصائص الشخصیة أكثر ثباتاً، وتظھر بوضوح أوجھ الإعتمادیة على الآخرین التي سبق وأن كانت مقنعة في مراحل سابقة، إضافة إلى قساوة وتحجّر التفكیر، وظھور مخاوف جدیدة ومحددة حیال بعض الأمور. وقد یحصل نضوب في العملیات العقلیة والشعوریة والإبداعیة أیضًا. الأمر الذي دفع بالعدید من العلماء إلى القول بأنھ لا بد من الاستعداد المسبق لمثل ھذه التغیرات والتبدلات، وتحدیداً في أواسط العمر، من أجل التخفیف من آثار تداعیاتھا على حیاة المسنّ.
اجتماعیاً، یبدو أن اھتمامات المسنّ تقل وتصبح محصورة عادة بثلاث مسائل تعتبر شائعة وھي الصحة، الاستقرار الإقتصادي، وجود أو غیاب المغزى أو الھدف من الحیاة. ولقد حللّ العلماء الخصائص الاجتماعیة للمسنین وتبینّ لھم أن التقدمّ بالعمر ترافقھ عدة مظاھر: ارتفاع حالات الترمل لدى الذكور والإناث، ارتفاع حالات الاعتمادیة على الآخرین، انخفاض نسبة حضور المناسبات على أنواعھا أو المشاركة في لقاءات ما، انخفاض ممارسة الھوایات، عدم التفكیر فيخطط مستقبلیة، انخفاض نسبة توظیف الذكور في وظائف حیویة، اعتماد كبیر على المعاش التقاعدي، ازدیاد حالات الإعاقات الجسدیة، انخفاض معدلات الرضا عن الصحة، ازدیاد الاھتمامبالممارسات الدینیة، انخفاض معدل الإحساس بالسعادة، الشعور بعدم القیمة، وأخیرًا التعبیر عنعدم الرغبة بالحیاة.
یبدو جلیاً مما سبق، أھمیةّ التكیف الشخصي للمسنّ، ونعني بالتكیفّ الشخصي، إعادة بناء وتوجیھ الاتجاھات والسلوك لدى المسنّ الذي يواجه تغییرات حیاتیة جدیدة تحتم علیھ التعبیر عن رغبته بما يتماشى مع توقعات ومتطلبات المجتمع.
وفيما يلي سنتحدث عن بعض الخصائص النفسیة التي تتصف بھا مرحلة الشیخوخة من الشعور بالوحدة النفسیة، عدم الرضى عن صورة الجسد،الاكتئاب، والقلق إضافة إلى اضطرابات أخرى.
وأكدت العدید من الدراسات التي تناولت المشاكل التي یعاني منھا المسنون على أن المرض الجسمي والوحدة والعزلة الاجتماعیة وقلةّ النشاط، ھي العوامل التي تساعد على ظھور التغيرات المصاحبة للشیخوخة وقد تظھر أعراض الشعور بالاغتراب على المسنین مثل العزلة وفقدان السيطرة والشعور بالعجز .
في الواقع ..
العزلة الاجتماعية Social Isolation
یمثل الشعور بالوحدة إحدى المشكلات المعبرّة عن الأسى الناتج عن عدم الرضى بالعلاقات الاجتماعية القلیلة وغیر المشبعّة، وتعد تلك المسألة من المشكلات الشائعة لدى كبار السن. فالاحساس بالعزلة الاجتماعیة والافتقار إلى الآخرین، ربما یكون البدایة بالنسبة لكثیر من الاضطرابات، كظھور أعراض الاكتئاب مما یؤدي إلى زیادة شعور المسنّ بعدم القدرة على التوافق. ویرى كثیر من المھتمین والباحثین بمجال كبار السن وجود علاقة ارتباطیة بین الوحدة والاكتئاب، فالأشخاص الذین یرتفع لدیھم الشعور بالوحدة النفسیة تزداد لدیھم الأعراض الاكتئابیة والنفسیة .وأكدت العدید من الدراسات التي تناولت المشاكل التي یعاني منھا المسنون على أن المرض الجسمي والوحدة والعزلة الاجتماعیة وقلةّ النشاط، ھي العوامل التي تساعد على ظھور التغيرات المصاحبة للشیخوخة وقد تظھر أعراض الشعور بالاغتراب على المسنین مثل العزلة وفقدان السيطرة والشعور بالعجز .
صورة الجسد Body Image
صورة الجسد ھي صورة ذھنیة نكوّنھا عن أجسادنا ككل بمافیھا الخصائص الفیزیقیة والخصائص الوظیفیة واتجاھاتنا نحو ھذه الخصائص. كما أن صورة الجسد تنبع لدینا من مصادر شعورية ومصادر لاشعوریةّ، وھي تمثل مكوّنا أساسًا في مفھومنا عن ذواتنا.في الواقع ..
تصاب صورة الجسد بالعدید من التشوّھات في مرحلة الشیخوخة بسبب التصوّرالسلبي الذي یلحق بھذه المرحلة نتیجة الربط الخاطئ لدى الناس ما بین التقدم في العمر من جھة، وعدم الكفاءة والقدرة من جھة أخرى. وغالبا ما كان العلماء یشیرون إلى الضغوطات الاجتماعية والثقافیة التي تطال فئتي الشباب والراشدین لجھة المحافظة على مظھر جذاب وشباب دائم، إلى أن بدأت الأبحاث تشیر إلى وجود وضع مماثل بالنسبة للمسنین، وخصوصًا الإناث .
أیضًا، تحدثّ الباحثون عن تأثیرات الشیخوخة السلبیة على الأشخاص الذین یتقدم بھم العمر والذین یصطدمون أغلب الأوقات بالتصورات والأفكار المنمطة السلبیة بمعظمھا عن مرحلة الشيخوخة لدى الآخرین، مما یتسبب لھم (أي المسنین) باضطرابات مزاجیة كالاكتئاب والقلق،إضافة إلى صعوبات في الذاكرة وارتفاع ضغط الدم .
أیضًا، تحدثّ الباحثون عن تأثیرات الشیخوخة السلبیة على الأشخاص الذین یتقدم بھم العمر والذین یصطدمون أغلب الأوقات بالتصورات والأفكار المنمطة السلبیة بمعظمھا عن مرحلة الشيخوخة لدى الآخرین، مما یتسبب لھم (أي المسنین) باضطرابات مزاجیة كالاكتئاب والقلق،إضافة إلى صعوبات في الذاكرة وارتفاع ضغط الدم .
الاكتئاب Depression
یعتبر الاكتئاب اضطرابًا شائعًا في مرحلة الشیخوخة، وتؤثر أعراضه في كل مظھر من مظاھر حیاة المسنّ: طاقتھ، شھیتھ على الطعام، نومھ، رغبتھ في العمل،ھوایاتھ، وعلاقاتھ مع الآخرين .لكن ولسوء الحظ، فإن العديد من المسنين لا یلاحظون وجود ھذه الأعراض لدیھم أو لا یبذلون أي جھود لطلب المساعدة من أجل التخلص منھا. وقد يعود السبب في ذلك إلى ما یلي :
- أ - اعتقاد المسنّ (وكذلك الآخرین) أن الاكتئاب ھو أمر طبیعي في مرحلة الشیخوخة
- ب - انعزال المسنّ عن الآخرین الذین قد لا یلاحظون ظھور أعراض الاكتئاب علیھ
- ج - عدم معرفة المسنّ (وكذلك الآخرین) بأن الشكاوى الجسدیة ھي علامات لظھوراضطراب الاكتئاب
- د - ترددّ المسنّ في طلب المساعدة أو حتى التحدث عن مشاعره أمام الآخرين
- 1 - الحزن أو الشعور بالیأس
- 2 - وجود أوجاع غیر مبررة
- 3 - فقدان الاھتمام بالعلاقات الاجتماعیة أو الھوایات
- 4 - فقدان الوزن أو الشھیة
- 5 - ظھور مشاعر فقدان الأمل
- 6 - فقدان الطاقة والدافعیة
- 7 - اضطرابات النوم، مثل صعوبة البدء بالنوم أو الاستغراق فیھ
- 8 - الشعور بفقدان قیمة الذات، مثل شعور المسنّ بأنھ أصبح عبئاً على الآخرین
- 9 - تباطؤ في الكلام والنشاط الحركي
- 10 - اللجوء إلى تعاطي مواد مخدرة في بعض الأحیان
- 11 - التركیز على أفكار الموت والانتحار
- 12 - المعاناة من مشاكل في الذاكرة
- 13 - تراجع الاھتمام بالأمور الشخصیة، مثل تفویت بعض وجبات الطعام أو تناول دواء ما
في الحقیقة، تعدُّ الشكاوى الجسدیة، مثل أوجاع الرأس والتھابات المفاصل، أھم الأعراض الدالة على إصابة المسنّ بالاكتئاب. من جھة أخرى، یشیر العلماء إلى أھم الأسباب التي تسبب اضطراب الاكتئاب لدى فئة المسنين على الشكل التالي:
- 1 - المشاكل الصحیة: مثل المرض والإعاقة، الأوجاع المزمنة أو الشدیدة، التدھورالمعرفي، الخلل في صورة الجسم نتیجة الخضوع لجراحة ما أو الإصابة بمرض.
- 2 - الوحدة والعزلة: بقاء المسنّ لوحده معظم الوقت، تناقص فعالیتھ الاجتماعیة بسبب فقدان الشريك أو الانفصال عنھ، وتراجع النشاط الحركي بفعل المرض أو خسارة القدرة على القیادة.
- 3 - فقدان الاحساس بالقیمة: وقد یحدث ذلك بفعل التقاعد أو الإعاقات الجسدیة التي تعیقالمسنّ عن القیام بأفعال كانت تسرّه من قبل.
- 4 - المخاوف الشدیدة من الموت أو الإفلاس أو المرض.
- 5 - الحزن بسبب فقدان أحد الأحبةّ، مثل صدیق أو قریب أو حتى حیوان ما .
لكن، وبحسب العلماء، قد تسببّ بعض المشكلات الطبیة حدوث الاكتئاب لدى المسنین، إما مباشرة أو كردةّ فعل نفسیة على حدوث المرض الجسدي. وبالتالي أي مرض مزمن، خصوصًا إذا كان مؤلمًا أو مھدداً لحیاة المسنّ، قد یؤديّ إلى الاكتئاب أو تزاید حدةّ أعراض الاكتئاب لدى المسنّ، ومن ھذه المشكلات الطبیةّ نذكر ما یلي:
- 1 - مرض باركنسون
- 2 - مرض السرطان
- 3 - مرض القلب
- 4 - مرض السكري
- 5 - أمراض الغدة الدرقیة
- 6 - الخرف والألزھایمر
- 7 - السكتة الدماغیة
- 8 - الذئبة
- 9 - نقص حاد في مستویات فیتامین B12
- 10- مرض التصلبّ المتعددّ
وبالإضافة إلى ما تم ذكره سابقاً، فإن العلماء یؤكّدون إمكانیة ظھور الاكتئاب لدى المسنّ كأثر جانبي لتناولھ عقاقیر أو أدویة ما، خصوصًا في الحالات التي یتناول فیھا أدویة مختلفة فينفس الوقت. ومن المتعارف علیھ أن معظم الأشخاص ینزعجون من تناول دواء بفعل إصابتھم بمرض ما، في حین أن المسنّ یظھر عادة حساسیة أكثر تجاه ھذا الأمر نظرًا لجسده الضعیف الذي تكون عملیة الأیض فیھ بطیئة إجمالًا. وبالتالي، لا بدّ أن یستشیر المسنّ طبیبھ إذا شعر أن أعراض الاكتئاب بدأت تظھر علیھ، بعد تناولھ عقارًا أو دواء ما. فباستطاعة الطبیب أن یستبدلھ بدواء آخر أو یخفضّ من مستوى الجرعات إلى الحدّ الذي لا ینزعج فیھ المسنّ قدر الإمكان.
ونعرض فیما یلي الأدویة التي قد تتسببّ بظھور أعراض الاكتئاب لدى المسنّ في حال تناولھا:
● Blood pressure medication (e.g. clonidine)
● Beta - blockers (e.g. Lopressor, Inderal)
● High - cholesterol drugs (e.g. Lipitor, Mevacor, Zocor)
● Tranquilizers (e.g. Valium, Xanax, Halcion)
● Calcium - channel blockers
● Medication for Parkinson’s disease
● Sleeping pills
● Ulcer medication (e. g. Zantac, Tagamet)
● Heart drugs containing reserpine
● Steroids (e.g. cortisone and prednisone)
● Painkillers and arthritis drugs
● Estrogens (e.g. Premarin, Prempro)
● Estrogens (e.g. Premarin, Prempro)
● Beta - blockers (e.g. Lopressor, Inderal)
● High - cholesterol drugs (e.g. Lipitor, Mevacor, Zocor)
● Tranquilizers (e.g. Valium, Xanax, Halcion)
● Calcium - channel blockers
● Medication for Parkinson’s disease
● Sleeping pills
● Ulcer medication (e. g. Zantac, Tagamet)
● Heart drugs containing reserpine
● Steroids (e.g. cortisone and prednisone)
● Painkillers and arthritis drugs
● Estrogens (e.g. Premarin, Prempro)
● Estrogens (e.g. Premarin, Prempro)
ویحذرّ العلماء من مسألة ھامة جداً، وھي تشخیص تقھقر القدرات العقلیة لدى الإنسان على أنھا إشارة طبیعیة لبلوغھ سن الشیخوخة، فقد یكون إما مؤشرًا على وجود أعراض اكتئاب لدیھ أو أعراض للخرف. ویعدُّ كل من ھذین الاضطرابین شائعین لدى المسنین ویتشاركان في العدید من الأعراض، بما في ذلك مشاكل الذاكرة، بطء الحركة والكلام، وانخفاض الدافعیة.
وسنعرض فیما یلي أوجھ نقاط الإختلاف بین اضطراب الاكتئاب واضطراب الخرف:
- 1 - یعاني المسنّ المكتئب من تدھور عقلي سریع، مقارنة بالمسنّ الذي یعاني من الخرف حيث یحصل التدھور العقلي لدیھ ببطء.
- 2 - یدرك المسنّ المكتئب الوقت بوضوح إضافة إلى الیوم والمكان، في حین یعاني المسنّ المصاب بالخرف من تشوّش واضح حیال ھذه المؤشرات، وكثیرًا ما یتوه في أماكن مألوفة بالنسبةإلیھ.
- 3 - یعاني المسنّ المكتئب من صعوبة في التركیز، في حین یعاني المسنّ المصاب بالخرف من صعوبة في التركیز إضافة إلى فقدان قصیر للذاكرة.
- 4 - تسیر المھارات الحركیة واللغة بشكل طبیعي ولكن ببطء لدى المسنّ المكتئب، في حینأنھا معطلة لدى المسنّ المصاب بالخرف.
- 5 - یلاحظ المسنّ المكتئب مشكلات الذاكرة لدیھ ويكترث لھذا الأمر مباشرة، في حین لا يلاحظ المسنّ المصاب بالخرف وجود ھذه المشكلات لدیھ، لا بل لا يكترث لھا في حال تنبھّ بطريقة ما إلى وجودھا.