هناك أنواع من جداول التعزيز لا مجال لذكرها جميعاً. ولهذا ، سوف نركز على أكثر هذه الجداول استخداماً . في بعض الأحيان يعزز السلوك في كل مرة يحدث فيها تعزيز متواصل ، وفي مواقف أخرى يعزز السلوك أحياناً فقط (تعزيز متقطع) . وعندما يكون التعزيز متوقفاً على مرور فترة زمنية معينة يسمى جدول التعزيز جدول الفترة الزمنية ، أما عندما يكون التعزيز متوقفاً على حدوث عدد معين من الاستجابات فيسمى جدول التعزيز جدول النسبة . وكلا هذين الجدولين قد يعتمد على عدد ثابت من الاستجابات ، أي على فترة زمنية ثابتة وتسمى الجداول في هذه الحالة الجداول الثابتة أو قد يعتمد الجدول على فترة زمنية متغيرة أو عدد متغير من الاستجابات وتسمى الجداول في هذه الحالة المتباينة (أو المتغيرة) . وكل جدول من هذه الجداول ينتج عنه نمط معين من السلوك

التعزيز المتواصل (Continuos Reinforcernent) يعني تقديم المعزز بعد كل مرة يحدث فيها السلوك المستهدف، وجدول التعزيز هذا هو الجدول المناسب عندما يكون الهدف هو مساعدة الفرد على اكتساب سلوكات جديدة ليست موجودة لديه أي أن جدول التعزيز المتواصل هو الأكثر فعالية في مرحلة اكتساب السلوك . فعلى سبيل المثال ، إن علينا تعزيز الطفل العدواني على كل سلوك غير عدواني يقوم به في بداية العلاج ، إذ أن التعزيز المتواصل والمنظم يسارع في اكتساب الفرد للسلوكات المقبولة

وبالرغم من أن التعزيز المتواصل إجراء فعال جداً في المراحل الأولى ، إلا أن هناك قيوداً كثيرة تحد من استخدامه وهذه القيود هي :

أما التعزيز المتقطع (Intermittent Reinforcement) فهو تعزيز السلوك أحياناً فقط ، فجدول التعزيز الذي يشتمل على تعزيز السلوك على نحو غير متواصل هو جدول متقطع. إن معظم السلوكات الإنسانية تخضع لجدول تعزيز متقطع في الحياة اليومية . فلاعب كرة السلة لا يسجل هدفا في كل مرة يرمي فيها الكرة ، وصائد السمك لا يصطاد سمكة في كل مرة يلقي فيها شبكته، والباص لا يأتي دوماً في الوقت المحدد ، ونحن لا نسمع أغنيتنا المفضلة في كل مرة نفتح فيها الراديو ، ومع هذا فنحن نستمر بتأدية هذه السلوكات المختلفة. فهذه السلوكات لا تنطفئ بسهولة لأنها تخضع لجدول تعزيز متقطع . ونستطيع القول إنه كلما كان التعزيز متقطعاً أكثر ازدادت احتمالية استمرارية السلوك إلا إذا كان حدوث التعزيز نادراً جداً.

وإذا كانت جداول التعزيز المتواصل هى الأكثر فعالية في مراحل اكتساب السلوك، فجداول التعزيز المتقطع هي الأفضل في مرحلة المحافظة على استمراريته . فبعد أن يكون الفرد قد اكتسب السلوك المستهدف يصبح من الضروري تعزيز بعض الاستجابات لا كلها ، ليستمر ذلك السلوك في الحدوث. وسبب ذلك هو أن السلوك الذي يخضع لجدول تعزيز متقطع يبدي مقاومة أكبر للانطفاء من السلوك الذي يخضع لجدول تعزيز متواصل . فالمقامر مثلاً قد يخسر ويخسر إلا أنه يستمر باللعب وذلك يعود إلى حقيقة أن سلوكه عادة يعزز على نحو متقطع. فهو وإن خسر كثيراً يبقى يتوقع أن يحصل على المعزز (الفلوس) بعد قليل .

إن تقليل التعزيز تدريجياً ليصبح عدد الاستجابات المطلوبة أو الفترة الزمنية التي يجب أن تمر للحصول على المعزز أكثر فأكثر يزيد من احتمال استمرارية السلوك وإلى أن يتحمل الفرد فترات أطول من عدم التعزيز بدلاً من التوقف عن تأدية السلوك حال غياب التعزيز.

والانتقال من التعزيز المتواصل إلى التعزيز المتقطع ليس أمراً سهلاً أبداً، فنحن لا نريد إيقاف التعزيز فجأة فذلك قد يؤدي إلى انطفاء السلوك مرة واحدة . فعلى سبيل المثال ، إذا كان الهدف من المعالجة هو مساعدة طفلة على إعادة ألعابها إلى المكان المناسب بعد الانتهاء من اللعب ، فنحن نقوم في البداية بتعزيز الطفلة في كل مرة تعمل فيها ذلك . وبعدما يتضح لنا أن الطفلة أصبحت تعيد ألعابها باستمرار نبتدئ بتعزيزها مرة وإلى عدم تعزيزها مرة . بعد ذلك نعززها مرة ونمتنع عن تعزيزها مرتين. ومن ثم نعززها مرة ولا نعززها ثلاث مرات ، وهكذا. 

والتعزيز المتقطع لا يعني التعزيز العشوائي أو الاعتباطي. وسنناقش الآن الأشكال المختلفة التي تأخذها جداول التعزيز المتقطع

النوع الأول من جداول التعزيز المتقطع هو جدول النسبة الثابتة . في هذا الجدول يكون تقديم المعزز متوقفاً على حدوث عدد معين من الاستجابات ، إذ يتم تعزيز الفرد بعد تأديته لذلك العدد فقط . فسلوك العامل الذي تدفع له الفلوس اعتمادا على عدد القطع التي ينتجها مثلاً يخضع لهذا الجدول . وكذلك سلوك بائع الصحف الذي يُعطى عشرة فلوس عن كل صحيفة يبيعها ، أو الطالب الذي يحصل على علامة إضافية عن كل عشرة مسائل حسابية يجيب عنها إجابة صحيحة .

إن الصفة الأساسية للسلوك الذي يخضع لجدول التعـزيـز هـذا هـي حدوثه بنسبة عالية ومروره بفترة خمود بعد كل مرة يحدث فيها التعزيز (Post - Reinforcement Pause) فالفرد سرعان ما يتعلم أنه لن يعزز إلا بعد عدد معين من الاستجابات .

النوع الثاني من جداول النسبة هو جدول النسبة المتغيرة . وهذا الجدول يشبه الجدول السابق إلا أن هناك فرقاً واحداً وهو أن عدد الاستجابات المطلوبة للحصول على التعزيز في هذا الجدول ليس ثابتا بل يتغير ولكنه يتراوح حول متوسط معين) فبدلاً من تعزيز الفرد بعد تأديته للسلوك المستهدف خمس مرات كما هـ الحال في جدول النسبة الثابتة نقوم بتعزيزه مرة بعدما يؤدي السلوك المستهدف خمس مرات ، ومرة بعد 10 ، 15 ، 10 ، 20 مرة (المتوسط 12 استجابة للحصول على المعزز) . ونتيجة لتغير عدد الاستجابات المطلوبة للتعزيز فالفرد لا يستطيع التنبؤ بموعد التعزيز ، وهذا يؤدي إلى عدم مرور السلوك بفترة خمود بعد التعزيز إن السلوك الذي يخضع لهذا الجدول يكون قوياً وثابتا ومن الصعب انطفاؤه

أما في جدول الفترة الزمنية الثابتة فالتعزيز يتوقف على مرور فترة زمنية محددة ، ويقدم المعزز لأول استجابة تحدث بعد مرور تلك الفترة.  وكما هو واضح فنحن نعزز السلوك وليس مرور الوقت بحد ذاته . فالتعزيز يقدم لأول استجابة تحدث بعد الفترة الزمنية الأولى، وبعد ذلك يبتدأ بفترة زمنية جديدة وأول استجابة تحدث بعد مرورها تعزز، وهكذا.

أحد الأمثلة على هذا الجدول في الحياة اليومية هو تفقد الشخص صندوق بريده . فنحن نتعلم من خلال الخبرة أن نتفقد صندوق البريد بعد ساعة معينة (مثلاً بعد الساعة الثانية عشرة ظهراً) لأن احتمال أن يكون البريد قد وزع قبل ذلك الوقت قليل أو مستحيل .

إن السلوك الذي يخضع لهذا الجدول يمر بفترة خمود في بداية الفترة الزمنية ، ولكن معدل حدوثه يزداد عند نهايتها ذلك أن الفرد يتعلم أن سلوكه لن يعزز إلا بعد مرور فترة زمنية محددة ، وتسمى هذه الظاهرة خمود الفترة الزمنية الثابتة (Fixed-Interval callop) .

وتتضح هذه الظاهرة جيداً عندما تتألف متطلبات مساق ما من امتحان نصف فصلي وامتحان نهائي. ففي بداية الفصل لايدرس الطلبة إلا قليلاً أو قد لا يدرسون أبداً ، ومع اقتراب موعد نصف الفصل يبدأون بالدراسة أكثر فأكثر إلى أن تصل دراستهم ذروتها في الأيام القليلة التي تسبق الامتحان (وربما في الليلة التي تسبق الامتحان) . بعد ذلك قد يتوقف الطلبة عن الدراسة من جديد، ومع اقتراب الامتحان النهائي تزداد دراستهم مجدداً إلى أن تصل ذورتهـا مـرة أخــرى قـبـل الامتحان .

إن هذا الجدول سهل الاستخدام إذ أنه لا يتطلب منا أن نحسب عدد المرات التي يحدث فيها السلوك، وكل ما نحتـاجـه هـو الـتـوقيـت فـقـط. ولكن فترة الخمود التي يمر بها السلوك تحد من فعالية هذا الجدول إذ أن السلوك لا يتصف بالقوة أو الثبات .

في الجدول الرابع ، وهو جدول الفترة الزمنية المتغيرة يحدث التعزيز بعد فترات زمنية متغيرة (تتراوح حول متوسط محدد) . أحد الأمثلة على هذا الجدول هو قيام المعلم بإعطاء امتحانات فجائية . ففي هذه الحالة ستختلف دراسة الطلبة جذرياً عن دراسة الطلبة الذين يخضعون لجدول الفترة الثابتة . وربما يكون هذا الجدول هو الأنسب للاستخدام في غرفة الصف، فالمعلم لا يحتاج إلى أن يحسب عدد الاستجابات التي يؤديها الطالب بل هو يقوم بالتعزيز عشوائياً تقريباً . والسلوك الذي يخضع لهذا الجدول من الصعب جداً اطفاؤه وهو لا يمر بفترات خمود بعد التعزيز لأن الفرد لا يستطيع التنبؤ بموعد حدوثه .

وفي هذا النوع من جداول التعزيز يتم تطبيق جدولين أو أكثر من جداول التعزيز بشكل مستقل لتعزيز سلوكين أو أكثر. ففي المختبر مثلاً ، يمكن تعزيز الحيوان وفق جدول تعزيز نسبة ثابتة عندما يضغط على المفتاح الأيسر في الصندوق ووفق جدول تعزيز فترة متغيرة عندما يضغط على المفتاح الأيمن في الصندوق . أما على المستوى الإنساني فيمكن مثلاً تعزيز الطفل باستخدام جدول معين عند تأديته لواجباته المدرسية وتعزيزه باستخدام جدول آخر لتشجيعه على التفاعل الايجابي مع الأطفال الآخرين .

وفي هذه الحالة يستخدم الباحث جدولين مختلفين من جداول التعزيز على نحو متعاقب لتعزيز السلوك نفسه . وفي العادة يكون التعاقب عشوائياً إذ يتم تطبيق جدول واحد في كل فترة زمنية . إضافة إلى ذلك، فإن مثيراً تمييزياً معيناً يظهر مع الجدول المستخدم بشكل منظم . ففي المختبر مثلاً، يقوم المجرب بتعزيز استجابة الحيوان في حالة الضوء ذي اللون الأصفر باستخدام جدول تعزيز فترة ثابتة ، وبتعزيز الاستجابة في حالة الضوء ذي اللون الأحمر باستخدام جدول تعزيز نسبة ثابتة وعلى مستوى السلوك الإنساني، فالطفل مثلاً قد يعلمه والداه في البيت ويعلمه معلمه في المدرسة مع مجموعة من الأطفال. وعلى الأغلب إن التعزيز في حالة التعليم الفردي سيختلف عنه في حالة التعليم الجماعي .

وتشبه هذه الجداول جداول التعزيز المتعددة حيث إن جدولاً واحداً فقط يعمل في وقت معين ، ويظهر مثير تمييزي معين في حالة استخدام ذلك الجدول . ولكن هذا الجدول يختلف عن جداول التعزيز المتعددة من حيث أن جداول التعزيز المتعددة لا تتعاقب عشوائياً ولكنها تحدث وفق تسلسل ثابت ومعين . كذلك فتعزيز الحلقة الأولى من السلسلة السلوكية يتمثل في ظهور الحلقة الثانية وتعزيز الحلقة الثانية يتمثل في ظهور الحلقة الثالثة ، وهكذا.

وهذا الجدول هو الآخر يشبه جدول التعزيز المتعدد إلا أنه لا يتم استخدام مثيرات تمييزية فيه