مفهوم الذكاء العاطفي
التطور التاريخي للذكاء العاطفي
إن جذور مفهوم الذكاء العاطفي تنحدر من مفهوم الذكاء الاجتماعي الـذي حدده Thorndike في عام 1920 ، حيث قـام بتقـسيم الـذكاء الى ثلاثـة انـواع وهـي: الـذكاء المجرد والذكاء الميكانيكي، والذكاء الاجتماعـي والـذي يعـبر عنـه في وقتنـا الحـاضر بالـذكاء العاطفي .وقد اشار وكـسلير Wechsler عـام 1940 الى أهميـة العوامـل الغـير عقليـة بجانـب العوامل العقلية، والتي قصد بها العوامل الشخـصية والاجتماعيـة والوجدانيـة، واقـترح ان القدرات الغير عقلية ضرورية جدا للتنبؤ بقدرة الفرد عـلى النجـاح في الحيـاة، وقـد طـرح سؤالا رئيسياً مؤداه هل أن العوامل الغير عقلية والتي منها الوجدان يمكن ان تكون عوامل للذكاء العام. ليعود في عام 1943 ويعرف الذكاء بانه القدرة الكلية للفـرد على التصرف الهادف، والتفكير المنطقي، والتعامل بفاعلية مع بيئته .
وفي عام 1980 بدأ جاردنر Gardaner بتوسيع الطريقة التي كـان ينظـر بهـا النـاس للذكاء منذ بداية القرن العشرين، حيث افترض بان الذكاء له ابعاد مختلفة تـضم النـواحي المعرفية وعناصر الذكاء الوجداني او الشخصي كما اطلق عليه، وهذا الذكاء الوجداني يعتـبر جزءا من مفهومه عن انواع الذكاءات المتعددة والتـي تـضم مكـونين اساسـيان مـن الـذكاء ، وهما الذكاء الشخصي ويعني قدرة الفرد على فهم المشاعر والدوافع الذاتيـه وقدرتـه عـلى توظيف هذا الفهم، والذكاء الاجتماعـي ويعنـي قـدرة الفـرد عـلى فهـم مـشاعر الآخـرين .
ولعل أول استخدام لمصطلح الذكاء العاطفي كان في امريكا عـام 1986 عنـدما قام باين Payne وهو طالب في كلية الاداب الليبرالية بتـضمين هـذا المـصطلح في اطروحتـه لنيل درجة الدكتوراه، ويعتبر هذا اول إستخدام اكاديمي لهذا المصطلح.
كما كتب جـون مـاير وبيـتر سـالفوي (Mayer and Salovay) في عـام 1990 مقـالين أوضحا مـن خلالهـما طريقـة القيـاس العلمـي للفـروق بـين النـاس في منطقـة الانفعـالات الخاصــة وتمييــز انفعــالات الاخــرين، وحــل المــشكلات التــي تتــضمن قــضايا انفعاليــة .
ليأتي غولمان Goleman في عام 1995 ويصدر كتابه "الـذكاء العـاطفي" ،حيـث قـدم فيه تعديلا لبعض النماذج الموجودة كما ركز على كيفية تغـير الـذكاء العـاطفي مـع تقـدم العمر، والوسائل التي يمكن ان تؤثر بها المهارات الوجدانية للفـرد عـلى نجاحـه في الحيـاة ، ومــا يعانيــه الفــرد نتيجــة مــا اســماه جولمــان بالأميــة الوجدانيــة Emotional Illiteracy .
وفي عام 1998 قام بار-اون Bar-on بتطوير مفهوم الذكاء العاطفي في مجال الصحة النفسية والسمات الشخصية ، لذلك فانه استخدام لفظ نسبة وقيمـة الـذكاء في عـام 1998 لوصــف نموذجــه الخــاص بتقيــيم الكفــاءات الوجدانيــة والاجتماعيــة لــدى المــدراء .
ولا زالت الدراسات والأبحاث والاطاريح المتعلقة بالذكاءات الاجتماعيـة وبخاصـة الذكاء العاطفي مستمرة في شتى الميادين، اذا ان هنالك اهتماما كبيرا من قبل البـاحثين في هذا الموضوع والذي يعد من أهم المواضيع الحديثة والتي تتعلق بكيفيـة اسـتخدام الفـرد للعواطف لضمان النجاح في مختلف الميادين.
تعريف الذكاء العاطفي
يعد مفهوم الذكاء العاطفي Emotional intelligence من المفاهيم الحديثة نسبياً، فقد كان نجاح الأشخاص وفشلهم في جميع نواحي الحياة يعزى إلى ما يسمى بحاصل الذكاء العقلي Intelligence Quotient والذي يرمز له بالرمز IQ.إلى أن بدء الباحثون بالتساؤل حول النجاحات الكبيرة التي يحققها بعض الأشخاص في حياتهم الاجتماعية والعملية رغم امتلاكهم لقدرات عقلية IQ غير مرتفعة ومن الناحية الاخرى فان بعض الأشخاص ذوي الذكاء العقلي المرتفع جدا لا يستطيعون تحقيق أي نجاحات في حياتهم العملية والاجتماعية ولا يستطيعون التقدم فيها، ونتيجة لذلك فقد اعزى الباحثون هذه النتائج لوجود نوعين من الذكاء يمتلكهما الانسان وهما الذكاء المعرفي أو العقلي والذي يشير الى مجموعة من القدرات المعرفية مثل التفكير والاستدلال والذاكرة والنوع الآخر هو ما يتعلق بالنواحي الانفعالية والعاطفية للإنسان وهو الذكاء العاطفي.
وقد استخدمت الدراسات العربية عدة ترجمات لمصطلح Emotional intelligence ومنها الذكاء الانفعالي والذكاء الوجداني والذكاء العاطفي، وذكاء المشاعر.
وفيما يلي ذكر لبعض تعريفات الذكاء العاطفي
يعرف Mayar and Salovey أنهما أول من أطلق مصطلح الذكاء العاطفي في عام 1990 على أنه القدرة على مراقبة المرء لعواطفه وعواطف الآخرين وعلى التمييز فيما بينهما، واستخدام هذه المعرفة من أجل توجيه تفكير المرء وافعاله .
يعرف Mayar and Salovey أنهما أول من أطلق مصطلح الذكاء العاطفي في عام 1990 على أنه القدرة على مراقبة المرء لعواطفه وعواطف الآخرين وعلى التمييز فيما بينهما، واستخدام هذه المعرفة من أجل توجيه تفكير المرء وافعاله .
كما يعرف Goleman والذي كان له الفضل الكبير في انتشار مصطلح الذكاء العاطفي في كتابه Emotional Intelligence : Why it Can Matter More than IQ الذكاء العاطفي بأنه قدرتنا على التعرف على شعورنا الشخصي وشعور الآخرين، أي معرفة ما
يشعر به الفرد ومدى استخدامه لهذا الشعور دون الغرق فيه، وأن يكون قادرا على تحفيز نفسه للقيام بعمله وأن يكون مبدعا فيه وأن يكون اداؤه في ذروته، وأن يشعر بما يشعر به الآخرون ويستخدم العلاقات بفاعلية .
كما "مصطفى الأسطل" يعرف الذكاء العاطفي على أنه القدرة على إيجاد نتائج ايجابية في علاقة الفرد بنفسه وبالآخرين، وذلك من خلال معرفة وإدراك الفرد لعواطفه وعواطف الآخرين .
في حين يعرفه Higgs and Dulewics بأنه معرفة الفرد لمشاعره وكيفية توظيفها من أجل تحسين الاداء وتحقيق الاهداف التنظيمية، مصحوبة بالتعاطف والفهم لمشاعر الآخرين مما يؤدي إلى علاقة ناجحة معهم .
بالإضافة إلى Bar-on والذي يعرف الذكاء العاطفي بأنه قدرة المرء على فهم ومعرفة ووصف نفسه والمعرفة والفهم والارتباط بالاخرين والتعامل مع الانفعالات القوية والتحكم في دوافعها بالإضافة إلى التهيؤ للتغيير وحل المشكلات المختلفة سواء على المستوى الشخصي أو الاجتماعي .
كما عرفه البعض على أنه القدرة على الانتباه والإدراك الجيد للانفعالات والمشاعر الذاتية وفهمها بوضوح وتنظيمها وفقا لمراقبة وإدراك دقيق لانفعالات الآخرين ومشاعرهم للدخول معهم في علاقات انفعالية اجتماعية تساعد الفرد على الرقي العقلي والانفعالي والمهني أو تعلم المزيد من المهارات الايجابية للحياة .
إذن يمكن القول أن الذكاء العاطفي هو مقدرة الأفراد لإدراك انفعالاتهم ومشاعرهم الذاتية بالإضافة إلى إدراكهم ووعيهم بمشاعر الآخرين وفهمها بشكل واضح ، بحيث يصبح التحكم بها وتوجيهها امراً ممكناً ، بالاضافة الى استغلال هذه المعرفة وتوظيفها لزيادة دافعية الأفراد وتحسين مهارات التواصل مع الآخرين وتطوير العلاقات الايجابية معهم والتي تضمن للفرد وللاخرين تحقيق النجاح في جوانب الحياة المختلفة