المناعة النفسية
إن الاهتمام بالمناعة النفسية للإنسان يعد من العوامل المساعدة في شفائه من بعض الأمراض والاضطرابات النفسية فهي تعتبر جسر الأمان الذي يساعده على مقاومة كافة المواقف والأحداث الحياتية التي يتعرض لها، وتشير إلى قدرته على تحمل مصاعبها وتصديه لها بفاعلية ومرونة عالية، حيث تساعده على التكيف والتعايش مع ظروف الحياة الصعبة المحيطة به .
حيث أن الإنسان يمتلك قسطا منها كما هي المناعة الحيوية في جسمه، حيث تكمن وظيفتها في حماية الفرد من الآثار السلبية نتيجة للضغوط النفسية.
تعريف ومفهوم المناعة النفسية
المناعة النفسية لغوياورد مصطلح المناعة في قاموس مختار الصحاح بمعنى المنع أي ضد الإعطاء، فلان في مناعة بين أهله: في قوة واعتزاز ، ويقال فلان في منعة: أي في قوم يحمونه، ويمنعونه، ورجل منيع : أي قوي البدن .
يتضح من التعريفات اللغوية للمناعة النفسية أنها تعني الشديد القوي، أي الذي يواجه المواقف بكل قوة، وتحلي، وحزم.
المناعة النفسية اصطلاحًا
يعرف كلًا من جيلبرت وآخرين Gilbert et al المناعة النفسية بأنها مصطلح يستخدم لاختزال عددا من التحيزات والآليات المعرفية التي تحمي الفرد من الشعور بالمعاناة من المشاعر السلبية المتطرفة للذات، لجعل الحالة الراهنة أكثر احتمالا للموقف.
ويعرفها مرسي بأنها : مفهوم فرضي يقصد به قدرة الفرد على مواجهة الأزمات، وتحمل الصعوبات والمصائب، ومقاومة ما ينتج عنها من أفكار ومشاعر ..
كما يعرفها ويلسون Wilson بأنها هي الدفاعات النفسية التي تعمل على تبرير وإعادة تفسير المعلومات السلبية المشوهة، بأسلوب يحسن من آثارها التي تهدد الكيان الوجداني .
ويعرفها آخرون بأنها وحدة متكاملة الموارد الشخصية المعرفية الوجدانية، والسلوكية، والتي تقدم للفرد مناعة يستطيع من خلالها التعامل مع الضغوط ومقاومتها وتدعيم الصحة النفسية، عبر ثلاث أنظمة فرعية
- الثقة
- مراقبة الأداء
- التنظيم الذاتي
والتي تتفاعل مع بعضها لتنمية القدرات التكيفية .
ويعرفها أبيلسون بأنها التوجهات التكيفية الغير مدركة التي تعمل عبر التوازن بين خداع الذات واختبار الواقع والتعامل بكفاءة مع متطلبات الحياة اليومية .
كما يعرفها باربننيل Barbanell بأنها القدرة على التكيف الإيجابي اللاواعي التي تعمل بنظام معقد ومنظم وانعكاسي، أسوةً بالمناعة الحيوية، من أجل حماية الفرد من الاعتداءات النفسية والبيئية .
وأشار كلاً من دوبي وشاهي Dubey and Shahi إلى أنها نظام متكامل لأبعاد الشخصية، يهدف الى إحداث التوازن بين متطلبات الشخصية والسياق من أجل زيادة عملية التكيف النفسي والاجتماعي والفيزيقي
ويعرفها آلبرت وآخرين Albert et al بأنها مجموع سمات الشخصية التي تجعل الفرد قادراً على تحمل تأثيرات الإنهاك والضغط، ودمج الخبرة المكتسبة من ذلك، بشرط لا يؤثر على الوظائف الفعالة للفرد .
اذن يتبين لنا مما سبق أن المناعة النفسية هي امتلاك الفرد القدرة على التكيف الإيجابي مع المواقف التي تتحدى تحقيق الأهداف، وإيجاد الحلول للمشكلات المتجددة، والتعامل مع المواقف الطارئة، والمواجهة الإيجابية للأزمات والضغوط النفسية، ومقاومة الأفكار الانهزامية
خصائص المناعة النفسية ووظائفها
يمكن تبيان هذه الخصائص كالتالي :- تحويل الفشل إلى نجاح والمحنة إلى منحة.
- التفسير والتبرير العقلاني المقبول والمقنع.
- العمل على الإصلاح والتأهيل الشامل، وليس التحسن المؤقت، وتعزيز التخيلات الإيجابية.
- إلغاء الاستجابة السلبية عند توقع أحداث سلبية.
في حين يرى كيجان Kagan أن خصائص المناعة النفسية تتلخص فيما يلي :
- فلترة المشاعر والوجدان السلبي بشكل يومي
- مساعدة الفرد على إدراك النتائج وتقييم وتقويم ردود الأفعال
- الوصول إلى اختيار مشاعر إضافية بعد عملية تقييم ردود الأفعال.
ومن وظائف المناعة النفسية ما يلي :
- مساعدة الأفراد للوصول إلى مشاعر التحسن وخصوصًا بعد معاناتهم من عاصفة أو انفجار نفسي.
- تعمل على مساعدته في عقلنة الأحداث السلبية والتوازن واستقرار المشاعر.
- العمل على إيجاد توازن بين التصورات السوداوية والتخيلات الإيجابية المليئة بالتفاؤل.
إذن خصائص ووظائف المناعة النفسية، تتمركز حول نظام مستمر في حماية الفرد من الأذى والضرر الوجداني، وذلك في تحويل وإلغاء الاستجابات السلبية نحو الأحداث المحيطة
السمات المميزة لذوي المناعة النفسية المرتفعة
إن الأفراد المتمتعين بالمناعة النفسية المرتفعة يتميزون بالخصائص الآتية :- يشعرون أنهم مقدرون ولهم مكانة خاصة،
- يضعون لأنفسهم أهداف وتوقعات إيجابية،
- يعتقدون أنهم قادرون على حل المشكلات واتخاذ القرارات الصحيحة
- ينظرون إلى الأخطاء والعثرات والإعاقات باعتبارها تحديات يجب مواجهتها
- يغلب على مفهوم الذات لديهم القوة والكفاءة
- يعون جيداً جوانب الضعف والقصور
- يرون جوانب الضعف والقصور أنها قابلة للتغيير والتحسن
- يعتمدون على استراتيجيات فعالة لمواجهة المواقف المختلفة، ومقاومة الإحساس بالهزيمة
- يدركون جوانب القوة والتميز لديهم ويستمتعون بها
- يمتلكون مهارات جيدة في بناء علاقات مع الآخرين
إن تعزيز المناعة النفسية وتحفيزها يؤدي إلى :
- ظهور سلوكيات واستجابات إيجابية عند توقع أحداث سلبية
- التعامل مع الأحداث المؤلمة كخبرات جديدة
- تعزز التفاؤل والنظرة الإيجابية للحياة
- تعمل بشكل أفضل عند تركها تمارس مهمتها الفطرية
- تعمل على حدوث التكيف والموائمة مع الأحداث المؤلمة
- فهم نواتج السلوكيات وتفسيرها
- تفريغ الطاقة السلبية النفسية على شكل أعراض جسدية، مما يخفف الألم النفسي
- تعزز استراتيجيات المواجهة التكيفية الواعية لرد الفعل على حساب ميكانزمات الدفاع اللاشعورية
- إجادة استخدام المعرفة وتوظيفها في إدراك النواتج الإيجابية الممكنة للوصول لحياة أكثر إيجابية
- تراقب مصادر التكيف للفرد، وسرعة ودقة السلوك المناسب
أسباب فقدان المناعة النفسية لدى المراهقين
أشار كلًا من ويلسون و أبيلسون وبارينيل إلى أن أكثر العوامل المسببة لضعف المناعة النفسية مع ضعف كفاءتها هي :
- إضعاف التفكير التأملي
- انخفاض اليقظة الذهنية
- النظرة السلبية للذات
- عدم القدرة على التوافق مع السياق
- الإنهاك النفسي
- الأزمات والخبرات الصادمة المستمرة
- انهيار ميكانزمات الدفاع
- الإدراك السلبي للذات
- الإدراك المتناقض للخبرات الشخصية
- خبرات الطفولة الصادمة
- نمو ميكانزمات دفاع الأنـا علـى حساب استراتيجيات المواجهة التكيفية
- إحباط اشباع حاجتي الكفاءة والانتماء
أعراض فقدان المناعة النفسية
عندما تضعف المناعة النفسية عند الإنسان أو تتلاشى تمامًا تظهر عليه بعض الأعراض التي تعبر عن استسلامه للإحباطات والصدمات، وهذه الأعراض هي :- ارتفاع القابلية للإيحاء، فيصبح مهيئا لاستقبال أي أفكار حتى ولو كانت غير صحيحة
- فقدان السيطرة الذاتية والتحكم الذاتي.
- الاستسلام للفشل.
- الانعزالية.
- فقدان الإحساس بالسرور والمتعة في الحياة.
- حدوث خلل في معايير الحكم على الأشياء والمواقف.
- الانغلاق والجمود الفكري