مكونات الشخصية
تتألف الشخصيّة من الأهداف التي نصوغها نحن، ونرسمها ونصمّمها وفق ثلاثة عوامل رئيسة هي :
التعرُض
يُقصد بالتعرُّض في هذا السياق أنّ أفعالنا وسلوكياتنا وأهدافنا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بما تعرّضنا له من تجارب على مدى حياتنا، فالمعرفة المكتسبة حتّى هذه اللحظة هي التي ترسم طريقنا وتوجه تحركاتنا وتُحدّد أهدافنا، أي إنّ المعرفة الضئيلة التي اكتسبناها حول أي شيء في الحياة هي الأساس الذي تُبنى عليه شخصياتنا، ومن تجاربنا وممارساتنا التي تعرّضنا لها، تأتي أو تنبع خياراتنا، فالطلاب المتفوّقون، مثلاً، هم طلاب عاديون قرّروا أن يجتهدوا أكثر ويتحدوا أنفسهم ويُفتِّشوا بعزم أكبر عمّا يثير اهتمامهم، وليس لتفوقهم وذكائهم الكامن الذي لا يعرفونه أدنى صلة بكونهم «خارقين» أو أنهم ولدوا مبدعين ومتفرّدين وإنما قد أبدعوا مدفوعين برغبة أصيلة في نفوسهم ليحطّموا القيود ويناطحوا السحاب.
عزّز رغبتك في خوض تجارب أفضل وأكثر تنوعاً. وهكذا يتسع نطاق «تعرّضك» في الحياة.
الرغبة
وهذا هو العامل الثاني، فكم واحدٍ مِنا لا يحب وظيفته! وكم مِنّا يُفكِّر فـ الاستقالة من عمله الحالي صباح كل يوم ومن منا لا يشعر أن هناك شيئاًىمفقوداً في حياته، ومع ذلك نُصر على استكمال حياتنا بنفس الطريقة. يُعاني معظمنا من عدم الرضا عن أعمالنا وظروفنا وعن أشياء كثيرة في حياتنا، ويُعزى ذلك إلى تشبثنا بالنسخة القديمة من أنفسنا.
نعتقد أنّ ما اعتدنا إتقانه سيظل ما نتقنه من دون تغيير مهما مضى الوقت! ولهذا لا نكلّف أنفسنا عناء استقطاع بعض الوقت لإعادة النظر في شغفنا واهتماماتنا، ونقرّر أن نتوقف حيث وضعتنا الحياة وقادتنا المصادفات والظروف، وقليلاً ما نتذكّر أنّ أمامنا دائماً فرصاً لإعادة النظر؛ فلا ننجرف مع التيّار. أنت مثلاً: يمكن أن تتمهّل قليلاً، وتأخذ نفساً عميقاً، وتفكّر فيما ترغب فيه الآن دون النظر إلى رغباتك السابقة وأفكارك القديمة. يمكن أن تقرّر وتبدأ التنفيذ على الفور، وهنا تلعب الثقة دورها.
الثقة
هي العامل الثالث في هذه المعادلة، وبمعنى أدق لا يمكن للعاملين «أو العنصرين» السابقين أن يتحققا إذا غابت الثقة عن المشهد إذا كنت تؤمن بنفسك بشدّة، يصبح المستحيل ممكناً، وإذا كنت شخصاً خجولاً بطبعك، فسوف تساعدك الثقة على التكيف مع بيئتك المحيطة بسهولة، بل وستبادر إلى تغيير واقعك والتأثير في بيئتك ذاتها.
إذا كنت تحبُّ ممارسة بعض الأشياء التي لا تلقى رواجاً بين الناس، فسوف تستطيع بفضل الثقة أن تستعرضها على الملأ من دون خجل - حتّى وإن كنت تكترث إلى حدّ كبير برأي الناس بك، فبفعل عامل الثقة نتعلّم ونتطوّر ونؤثّر والتحلّي بالثقة يحتاج من جانبنا إلى قدر عال من الشجاعة. تُقوّض صعوبات الحياة قدرتنا على التمسك بطاقاتنا والتشبث بثقتنا بأنفسنا، ولكن نحن عندما تضع أهدافك ورغباتك نصب عينيك طوال الوقت، فستتذكّر أنّ هناك ما يستحق العناء، وما يستحق بذل الجهد بالنسبة لك، يختلف كثيراً عمّا يحفّز ويدفع الآخرين إلى المغامرة والمخاطرة، فأنت صاحب عالمك الخاص والمسؤول الأوّل والأخير عن أهدافك وأفعالك ونتائجك وبصماتك في حياتك.
نحن نتغيّر بطبيعة الحال وفقاً للمتغيّرات والظروف المحيطة بنا، وتتفاعل شخصيَّاتنا مع عاداتنا ورؤانا وأحداث الحياة اليومية من حولنا، فعندما تتصوّر نفسك بعد عشرة أعوام من الآن، ستبدأ تلقائياً في الاستجابة بشكل مختلف لتصوّرك الجديد هذا، وستجد أنك تفعل الأشياء التي تقربك من الشخص الذي تحلم أن تكون عليه بعد عشر سنوات من الآن، ومن هنا سيكون أمامك هدف تلاحقه طوال الوقت.
ركّز دائماً على الهدف الأكبر، وذكّر نفسك من حين إلى آخر بالمكافأة التي تنتظرك في نهاية الطريق، فإذا خرجت بعض الأمور عن السيطرة وهو أمر متوقّع بالطبع وسيحدث قطعاً فحاول أن تعيد الأمور إلى مسارها، وبمعنى أدق إلى مسارك أنت، فالمسار الصحيح هو ما تراه وتستشعره ولا تقبل أن تحيد عنه. ضع لنفسك جدولاً زمنياً حيث تكون مستعداً جسدياً وعاطفياً لرؤية العالم من منظور مختلف. نعم، هكذا، فقط هكذا تتجدّد الشخصية.