التفكير المنفتح النشط
مفهوم التفكير المنفتح النشط
يعد التفكير المنفتح النشط دلالة قوية على انفتاح الفرد نحو الأحداث والمواقف وعدم التمسك بالرأي وفرضه على الآخرين حين تظهر دلائل جديدة يمكن أن تغير بعض القرارات التي قد يتخذها الفرد تجاه موقف معين، أو تغيير مسار أهدافه، فالشخصية المنفتحة هي شخصية مرنة، وبناءة، وتتصف بالإيجابية، بل إن كثيرًا من الأحكام التي يصدرها الفرد تكون قابلة للتعديل أو الحذف حين يكون الشخص ذا تفكير منفتح ، وهذا يعد مؤشر ودلالة على التوافق النفسي والصحة النفسية لدى الفرد.كما يعتبر التفكير المنفتح النشط بنية متعددة الأوجه يشمل الميل إلى التروي وعدم الاندفاع، والسعي إلى معالجة المعلومات أو المعتقدات الموجودة لدى الفرد والرغبة في تغييرها في حالة وجود الأدلة والشواهد التي تناقضها .
والتفكير المنفتح النشط أسلوب في التفكير يستند إلى أفضل المعلومات المتاحة والمتوفرة، ويقوم باتباع أساليب علمية في معالجة المعلومات، وإجادة مهارات التفكير المختلفة، مع توفر عدد من السمات الشخصية كالانفتاح الذهني، والموضوعية، والمثابرة، وعدم التسرع في إصدار الأحكام.
وأطلق Baron لفظ المنفتح النشط على هذا النوع من التفكير؛ لأنه يسمح للأفراد بالنظر في الاحتمالات والأدلة الجديدة، والتي لا تتعارض مع المعتقدات والأفكار، وفعال لأن الفرد لا يكتفي بالمعلومات التي لديه، ولكنه يسعى ويبذل قصارى جهده للحصول عليها، لذلك يشير التفكير المنفتح النشط إلى التفكير في عدة بدائل أو احتمالات وعدم التحيز لفكرة أو احتمال واحد.
التفكير المنفتح النشط يظهر من خلال النظر في القضايا المطروحة وصولا إلى إصدار أحكام حولها، وإلى المرونة في التفكير الآراء ومعتقدات الأخرين، والقدرة على توليد واكتشاف أشياء غير مألوفة (تفكير منتج) وبدائل متعارضة في التفكير (تفكير مرن).
خصائص ذوي التفكير المنفتح النشط
يعد التفكير المنفتح النشط ذا أهمية كبيرة في الحياة اليومية كما أن الطريقة التي نفكر بها تؤثر في التخطيط للحياة وعلى القرارات التي تتخذ، وأن الأفراد الذين لديهم التفكير المنفتح النشط يتميزون بمجموعة من الخصائص وهي اتخاذ أفضل القرارات السليمة، وقيام الفرد بتحديد أهدافه، والقدرة على حل العديد من مشكلاته، والمثابرة في البحث عن المعلومات من مصادر متنوعة، كذلك فإن التفكير المنفتح النشط يجعل الفرد بعيدًا عن التحيز لآرائه ومعتقداته الشخصية، مع القدرة على فحص احتمالاته وأدلته بتأن وموضوعية.إن ذوي التفكير المنفتح النشط تتوافر لديهم مجموعة من الخصائص منها : الاستعداد للانفتاح العقلي والقدرة على تقييم وجهات نظر الأخرين، وبالمقابل فإن ذوي العقل المنغلق يتعاملون مع مجموعة من المعتقدات والآراء بشكل جامد، وأيضا التفضيل لفكرة التأملية مقابل السلوك المتهور، والقدرة على تحليل مجموعة من الخيارات، وإيجاد وجهات نظر ذات بدائل مختلفة، وإثارة التساؤلات والاستجوابات وإعادة النظر في الاختيارات والاستقرار على واحدة من وجهات النظر البديلة، والترحيب بالمعتقدات والاحتمالات الجديدة والمختلفة، كذلك يشمل التفكير المنفتح فكرة المرونة، والتي تهدف بقوة إلى المعرفة بل والعمل على اكتسابها لدى الأفراد.
ويشير Baron ، إلى أن ميل الفرد المنغلق عقليا لأن يكون أقل بحثًا من خلال الثقة المفرطة في الاستنتاجات المتسرعة، والتحيز لصالح الاحتمالات التي يفضلها في البداية، بينما يتسم الفرد الذي يتمتع بالتفكير المنفتح النشط بالميل لجعل الإستراتيجيات والخطط خطوات للوصولر إلى الهدف، والبحث عن المعلومات من مصادر متعددة لوضوح الرؤية، وإدراك ومعرفة الآثار والعواقب والبدائل والعلاقات، ويرى (Baron) أن هذه المعايير الثلاثة تسمى بالتفكير المنفتح النشط.
وأشار Baron إلى أن التفكير مهم لنا جميعًا في حياتنا اليومية وأن الطريقة التي نفكر بها تؤثر على تخطيطنا للحياة وعلى القرارات التى نتخذها والأفراد الذين لديهم القدرة على التفكير المنفتح النشط فإنهم قادرون على :
- القدرة على اتخاذ أفضل القرارات.
- قيام الفرد بتحديد معظم الأهداف.
- القدرة على حل العديد من المشكلات المختلفة.
- قدرة الفرد على تحديد معظم الأدلة المتاحة.
- المثابرة في البحث عن المعلومات من مصادر متنوعة.
- جعل الفرد بعيدا عن التحيز لآرائه ومعتقداته الشخصية.
- القدرة على فحص معظم الاحتمالات المتاحة بتأن وموضوعية.
كما أن الفرد الذي يمتلك القدرة على التفكير المنفتح النشط لديه مجموعة من الصفات أو الخصائص التى تميزه عن غيره من أهمها :
- تفضيل التصرف أو السلوك التأملى على السلوك المتهور (المندفع).
- الميل إلى تحليل الخيارات والبدائل المتاحة ووجهات النظر البديلة (المتباينة).
- التساؤل وإعادة فحص الفرد للافتراضات الشخصية (للبدائل المتاحة).
- تفضيل الدليل الاحصائي عن الدليل القصصى أثناء اتخاذ القرار.
- الترحيب بالمعتقدات أو الآراء والاحتمالات المختلفة التى لا تتفق مع رأى الفرد.
- السعى إلى تحسين مهارات التعبير والرغبة في اكتساب المعارف والمهارات والحصول على المعلومات واستخدام القدرة المعرفية.
ومن خصائص الأفراد الذين يتمتعون بالتفكير المنفتح النشط أيضا :
- الميل إلى البحث مع الأخذ في الاعتبار المعلومات الجديدة التى يتم معرفتها
- الأفراد الذين يتمتعون بمستوى عالٍ من التفكير المنفتح النشط أقل عُرضه للارتباك في الاختيار وذلك من خلال عدم التردد في جمع المزيد من المعلومات وعمل تقييم لها لاختيار المناسب.
- تفضيل التفكير العميق والقدرة على التأمل والتروي بدلا من الاندفاع الرغبة في البحث عن المعلومات المتعارضة أو المتناقضة مع معتقداته الحالية
- الرغبة في تكييف المعتقدات مع توفر المعلومات الجديدة القدرة على قضاء وقت كبير لبحث ودراسة مشكلة معينة قبل التخلى عنها
- تتوفر لديه مهارة التفكير غير المتحيز والقدرة على إعطاء وزن متساو للأراء والأدلة المختلفة.
أبعاد التفكير المنفتح النشط
يرى Stanovich. & West أن التفكير المنفتح النشط يتضمن مجموعة من الأبعاد وهي: التفكير المرن، والتفكير المغاير، والتفكير الدوجماتي، والتفكير البنائي.كما أوضح Baron أن أبعاد التفكير المنفتح النشط تتمثل في: التفكير المرن، والتفكير البنائي، والتفكير الجامد، وتحديد المعتقد.
ويشير البعض إلى أن التفكير المنفتح النشط يتكون من ثلاثة أبعاد هي :
- التفكير المرن (Flexible Thinking): هو تكيف الفرد مع المشكلات والمواقف المختلفة التي تواجهه من خلال تغيير وجهته الذهنية أثناء قيامه بالأنماط السلوكية المختلفة لتقديم الحل المناسب لها، مع القدرة على إنتاج العديد من الأفكار والحلول المختلفة.
- التفكير البنائي (Constructive Thinking): يعرفه على أنه العملية التي تساعد الفرد على بناء أفكار إنتاجية جديدة، والتكيف وجدانياً وسلوكيًا مع مواقف الحياة المختلفة، والتفكير بأسلوب يمكنه من حل مشكلاته اليومية الضاغطة بأقل قدر من التوتر والضغوط.
- تحديد الهوية (Belief identification): هي العملية التي تساعد الفرد على فهم ذاته وتقبلها، والشعور بالاستقلالية عن الآخرين، وعدم التعرض لضغوط خارجية تؤثر في معتقداته، والقدرة على المثابرة وبذل مزيد من الجهد في الدفاع عن معتقداته وآرائه.
أهمية التفكير المنفتح لدى الطلاب
يعد التفكير المنفتح النشط ذا أهمية كبيرة؛ حيث إنه يساعد الفرد على اتخاذ القرار المناسب، والقدرة على تحديد الأهداف، وحل المشكلات المختلفة، ويجعل الفرد بعيدًا عن الآراء المتحيزة، والقدرة على جمع المعلومات من مصادر متنوعة ، كذلك فإن التفكير المنفتح النشط يساعد الفرد على اتخاذ القرار الأفضل، والذي يمكنه من حل مشكلاته المختلفة، ويجعله بعيدًا عن التحيز لآرائه ومعتقداته الشخصية، ويزوده بالعديد من المبادئ مثل المثابرة في البحث عن المعلومات من مصادر متنوعة، وعدم الاكتفاء بمصدر واحد، والتحقق من صحة هذه المعلومات، ودراسة جميع الآراء بتأن وموضوعية.فنمط التفكير الذي يتبعه الفرد يؤدي دورًا مهمًا في طرق اكتساب المعرفة والحصول عليها، وأنماط التفكير تؤثر على البنية المعرفية للأفراد وبالتالي على المعتقدات المعرفية والتحصيل الأكاديمي لديهم.
وهناك انسجام بين التفكير المنفتح النشط والمرحلة الجامعية لكونه يسهم في تطور الطالب ووصوله إلى المعرفة بصورة مستقلة ، ويجعله أكثر اندماجا في العملية التعليمية، إذ يمثل قدرة الطالب على التفكير بطريقة مختلفة وقبول الأشياء الجديدة وغير المألوفة، من خلال البحث عن حجج وبراهين جديدة تدحض الأفكار السابقة، والتأمل فيها وتقييمها بإنصاف وموضوعية، كما يؤدي إلى زيادة ثقة الأفراد بأنفسهم من خلال التعامل مع أفكارهم ونضجهم المعرفي في اتخاذ القرار .
كما أن انخفاض التفكير المنفتح النشط لدى طلاب الجامعة يؤدي إلى شعور الطالب بالتصلب في التفكير ، وتدني المرونة العقلية لديه، وضعف القدرة على تجديد الأفكار بأفكار جديدة قابلة للتطبيق، ويكون الطالب أكثر ميلاً للانغلاق الذهني، وليس لديه قدرة على مواجهة المواقف الغامضة، والتركيز على ثوابت ومسلمات لا تقبل النقاش لأنها محاطة بدلالات انفاعلية لاشعورية يتمسك بها الفرد.
إن التدريب على التفكير المنفتح النشط يسهم في تطور وبناء الشخصية المنفتحة والناضجة والناقدة لكل ما يدور حولها، وإعداد الفرد المتأمل بعمق للأشياء والمفاهيم والابتعاد عن شعوره الداخلي المحدود، فالتربية للمستقبل تزود الأفراد بالمهارات الفكرية المختلفة حتى يتمكنوا من استثمار ذكاء هم وقدراتهم في التأمل وتنمية نماذجهم الخاصة في التعامل مع الظواهر المحيطة بهم بطريقة حرة ومتفتحة نحو الآخر ومرنة تتضمن كل عناصر التطوير من تعديل وإضافة وحذف.