التجول العقلي
يعد مصطلح التجول العقلي من المصطلحات الحديثة في مجال التربية وعلم النفس وهو من العوامل المؤثرة في كلٌّ من عمليتي التعلم والتعليم، فهو يعد من الأنشطة العقلية الأكثر انتشارًا، فميل العقل إلى الأفكار غير المرتبطة بالأحداث الخارجية يصل إلى 50 % من ساعات اليقظة
وهذا النشاط العقلي كثيرًا ما يضعف قدرة الطالب على التركيز أو التفكير بفاعلية في موضوع أو مشكلة ما، وباتت الحاجة ملحة لدراسة هذا النشاط وتسليط الضوء على أسبابه لمحاولة الحد من انتشاره.
وظهر بوضوح في السنوات الأخيرة نتيجة للنظام التعليمي في فترة كورونا وما بعدها، واتجاه الدول إلى التحول الرقمي حتى في التعليم، ولأن أسئلة الامتحان تعتمد على الفهم والتفكير مما يجعل الطالب يتجول بعقله ليصل إلى الإجابة الصحيحة، حيث توصلت الدراسات إلى إمكانية التنبؤ بالأداء الأكاديمي من خلال درجة التجول العقلي، وإمكانية التنبؤ بمدى ارتباط التجول العقلي بالمادة الدراسية لدي طلاب المرحلة الجامعية.
والتجول العقلي موضوع حديث الميلاد ظهر منذ بضعة عقود وعلى الرغم من قصر عمره الزمني إلا أنه استدعى اهتمام الباحثين بشكل ملحوظ في العديد من الدول الأجنبية، نظراً لأنه يحدث بصورة تلقائية وغير مقصودة، كما أنه يؤثر بشكل كبير على نجاح الفرد في الأداء الذي يقوم به وفي الأنشطة التي يمارسها.
وأوضحت عدة دراسات أن التجول العقل من العوامل المؤثرة في عمليتي التعليم والتعلم، وهذه الظاهرة تعد نشاطاً عقليًا كثيرًا ما يحدث للطلاب سواء كان الأمر متعلق بالتعلم أو ليس له علاقة بالتعلم، وكشفت دراسات أن التجول العقلي يزداد في المحاضرات التقليدية عنها في محاضرات الفيديو لدى طلاب الجامعة، وأن لطريقة التدريس أثر على درجة التجول العقلي لدى المتعلمين.
مفهوم التجول العقلي
التجول العقلي نوع من التوجيه الداخلي للتفكير أثناء الأداء على المهمة وهو يحدث خلال أنشطة التعلم بنسب مختلفة فيحدث أثناء القراءة بنسبة من 20% إلى 40% وأثناء مشاهدة المحاضرات عبر الإنترنت بنسبة 40%
ويعرف التجول العقلي بأنه تحول تلقائي في الانتباه من المهمة الأساسية إلى أفكار أخرى داخلية أو خارجية وهذه الأفكار قد تكون مرتبطة بالمهمة الأساسية أو غير مرتبطة
وهو عملية معرفية دائمة الحدوث بقصد أو بدون قصد، تؤدي إلى هفوات في الانتباه، من خلال فك الارتباط عن البيئة الخارجية، وتوليد الأفكار الداخلية التي لا علاقة لها بالمهمة المطروحة.
مراحل التجول العقلي
تعد المتغيرات المعرفية ذات طبيعة تسلسلية في التشكيل والحدوث حيث أنها لا تتشكل بشكل فجائي بل تمر بمراحل حتى تكتمل مع صرف النظر عن الفترة الزمنية لكل مرحلة من مراحل تشكلها وظهورها في نظام معالجة المعلومات لدى الإنسان، والتجول العقلي يتم على مرحلتين وهما :
👈 أ - مرحلة الظهور Anonset Phase : حيث يتم في هذه المرحلة التحول من التركيز على المهمة الأساسية إلى التركيز خارج المهمة.
👈 ب - مرحلة الاحتفاظ Amaintenance Phase : وتشير هذه المرحلة إلى المدة التي يتم فيها التركيز خارج المهمة، ولا تعد جميع حالات الانتباه أو التأمل التي تتم لأشياء أخرى خارج المهمة الحالية تجولا عقليًّا، لأن الحصول على معلومات من الذاكرة طويلة المدى أو تكوين صور عقلية للمهمة الحالية لا يعد تجولاً عقليًّا ، لأنه يرتبط بالأداء على المهمة الحالية .
أنواع التجول العقلي
للتجول العقلي نوعين هما :
👈 أ- التجول العقلي المرتبط بالمهمة ويتمثل في تحول الانتباه لدي الفرد، بطريقة خارجة عن إرادته، من الفكرة الرئيسة للمهمة التي يقوم بتنفيذها إلى أفكار أخرى تتعلق بنفس المهمة، ولكن مختلفة عن السياق العام لفكرة المهمة التي يقوم بتنفيذها.
👈 ب التجول العقلي غير مرتبط بالمهمة ويتمثل في تحول الانتباه لدي الفرد، بطريقة خارجة عن إرادته، من الفكرة الرئيسة للمهمة التي يقوم بتنفيذها إلى أفكار أخرى غير متعلقة بالمهمة التي يقوم بتنفيذها.
وهناك تصنيف آخر للتجول العقلي يصنفه إلى ثلاثة أنواع هم :
- أ- التجول العقلي المنتج : وهو قدرة الطالب على أن يجول بذهنه وينتج أفكارًا جديدة ومفيدة ومبدعة وهذه الأفكار تكون مرتبطة بالمهمة التي يقوم بتنفيذها الطالب.
- ب- التجول العقلي غير منتج : وهو قدرة الطالب على أن يجول بذهنه حول المهمة التي يقوم بها ولكن يصل إلى أفكار غير مبدعة ولها ارتباط ضعيف بالمهمة التي يقوم بتنفيذها الطالب.
- ج- التجول العقلي المشتت : وهو قدرة الطالب على أن يجول بذهنه حول المهمة التي يقوم بها ويفكر في أشياء بعيدة عن المهمة وذلك قد يكون نتيجة تعرض الطالب للقلق أو الإحباط.
أسباب التجول العقلي
يمكن إيجاز أسباب التجول العقلي في النقاط الآتية :
📌 أ - السعة العقلية المحدودة : ويرجع السبب في محدودية السعة العقلية إلى انخفاض الوظائف التنفيذية للذاكرة وانخفاض مطالب المهمة، مما يجعل وحدة التحكم التنفيذي تسمح بالتجول العقلي، كما أن التجول العقلي يحدث بشكل كبير بسبب السعة العقلية المحدودة للذاكرة والتي ترجع لانخفاض الوظائف التنفيذية لها لذلك نجد الطلاب ذوي السعة العقلية المحدودة أكثر تعرضا للتجول العقلي، والأفراد ذوي سعة الذاكرة العاملة المرتفعة أكثر تعرضا للتجول العقلي من غيرهم من ذوي الذاكرة العاملة المحدودة.
📌 ب - المهام التي تتطلب انتباها مستمراً : وهذه المهام تؤدي إلى ضغوطا عقلية فيؤدي إلى خروج ميكانزمات تدفع العقل إلى الهروب من تلك المهام ويحدث تشتت للتفكير لدي الفرد، والتحول إلى التفكير في عناصر أخرى مما يؤدي إلى حدوث تجول عقلي.
📌 ج - الحالة المزاجية : الحالة المزاجية السالبة تؤدي إلى تجول عقلي أكبر من الحالة المزاجية الموجبة أثناء التفكير في المهمة.
📌 د - التفكير السلبي في المستقبل : وهذا يحدث من خلال التفكير السلبي والتحديات المستقبلية التي تواجه الطالب وانشغاله بطموحاته التي تزيد من التجول العقلي.
أهمية التجول العقلي
- توجد علاقة سالبة دالة إحصائية بين التجول العقلي والفهم القرائي
- توجد علاقة سالبة بين العبء المعرفي والتجول العقلي حيث إن المهام التعليمية السهلة جدا والتي لا تسبب عبئًا معرفيًّا تزيد من درجة التجول العقلي
- توجد علاقة سالبة بين التجول العقلي والقدرة علي حل المشكلات
- وتوجد علاقة سالبة دالة إحصائية بين التجول العقلي والأداء في الاختبارات وأداء التعلم
- توجد علاقة سالبة بين التجول العقلي واليقظة الذهنية
- توجد علاقة سالبة بين التجول العقلي والرضا عن الحياة كذلك توجد علاقة
- توجد علاقة سالبة بين التجول العقلي وتقدير الذات
- توجد علاقة سالبة بين التجول العقلي والتحصيل الدراسي والتعلم
- توجد علاقة موجبة بين التجول العقلي والضغوط والمزاج السيئ للطالب
- توجد علاقة موجبة بين التجول العقلي وضعف الأداء على المهام المختلفة
- وتوجد علاقة موجبة بين التجول العقلي والتخطيط للمستقبل والتفكير الإبداعي
- توجد علاقة موجبة بين التجول العقلي وتدني الحالة المزاجية