الإحصاء في علم النفس
تأليف : هاني الجزار
نشر : دار صرح
وهناك ملاحظة نود أن نشير إليها في هذا الخصوص، حيث نجد كثير من الباحثين لا تتعدي بحوثهم مجرد تكويم لكثير من الإحصاءات المختلفة، فيغالون في استخدام الأساليب الإحصائية لاختبار فرضًا بعينه رغم أن ذلك يمكن أن يتحقق من خلال قليل أو واحد فقط من هذه الأساليب، والتركيز الأكثر في بحوثهم علي عرض كم كبير من العمليات والجداول الإحصائية، وكأن البحث ليس أكثر من عرض لعمليات وجداول إحصائية، فنجد بحوثهم تخلو إلى حد كبير من العرض الفكري الواف والكاف لقضايا بحوثهم، فما أن يضعوا فروضهم، حتى نجدهم يقفزون بسرعة إلى عرض كم كبير من الإحصاءات دون أن تكون هناك وقفة توسطية تبين وتشرح الأصل الذي اشتقت منه هذه الفروض ودون مناقشة كافية لنتائج إحصاءاتهم، والتبيان والشرح الواف للعلاقات بين القضايا والمتغيرات التي كشفت عنها إحصاءاتهم، فالمناقشة، والتي تعد من أهم أضلاع البحث، لا نجدها سوي عرض الجداول والتعليق علي المعادلات على حين أن التأويل الجيد للنتائج واستنطاق دلالاتها ومغزاها يبدو أنهما أمران لا يحوزان اهتمامهم.
حقيقةً، يقتضي الأمر أن يكون الباحث ملما بالأساليب الإحصائية وأساسها الفكري ومتى وكيف يستخدم أساليبًا بعينها دون غيرها ، لكن الأمر في ذات الوقت لا يعني المغالاة وإنما الاقتصاد في استخدامها ، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا يعني الأمر أمر أن نقفز خطاً وبسرعة إلا عرض العمليات والجداول الإحصائية دون أن نكون مهدنا لذلك بحسن تحليل المشكلة تحليل المشكلة ودقة صياغة الفروض والعرض النظري المحكم والجيد البناء، ودون أن نشرح ونؤول نتائج هذه العمليات الإحصائية على نحو كاف يبين بوضوح ودقة معانيها ودلالاتها المتضمنة، هذا هو العمل أو هذه هي العملية العلمية.
ما نقصده أنه من المهم أن تتوافر للباحث النفسي المعرفة والدراية الكافية بالطرق الإحصائية المختلفة. ومع ذلك، يجب أن يعي في المقام الأول، وكما أشرنا أن الإحصاء أداة وليست منهجاً أو غاية بذاتها، وهي فقط تعطي مؤشرات يمكن من خلالها قبول أو رفض فروضنا، وذلك بالطبع، في حدود، تلك هي و وظيفة الإحصاء في البحث السيكولوجي. وقد قدمت الإحصاء وظائف هامة للبحث في المجال السيكولوجي، لا يمكن الإحصاء في علم النفس بحال التقليل من شأنها وبفضلها أنجز البحث السيكولوجي خطوات هامة علي طريق المنهج العلمي، والتحقق العلمي من الفروض والنظريات النفسية. إلا أنه، ومرة آخري، لا بد أن نعي حدودها، ولا بد أن نعرف أن الأرقام الخام لا قيمة لها إلا إذا وعي الباحث بأساسها الفلسفي ودلالتها واستطاع بإتقان أن يستنطقها ويفسر ويبين كيف هي تؤدي أو تدحض فروضه البحثية ...
نشر : دار صرح
نبذة المؤلف
تجدر الإشارة إلي مسألة جد هامة وهي أن الإحصاء أداة وليست منهجًا كما قد يتصور البعض .. أداة تمكننا من اختبار فروض البحث والإحصاءات المستخدمة في تحليل بيانات البحث، كما تختلف في خصائصها، فهي أيضًا تختلف في حدودها، فلكل طريقة إحصائية حدود معينة، وما تسفر عنه معالجتنا الإحصائية للبيانات من نتائج هي نتائج احتمالية وليست يقينية. ورغم ذلك، فعلي الباحث النفسي أن يعي ويلم بالأساليب الإحصائية المختلفة حيث خصائصها وحدودها.. متى تستخدم هذا الأسلوب دون غيره؟، أي أسلوب يصلح لاختبار هذا الغرض أو ذاك؟، هل يتفق هذا الأسلوب مع طبيعة ونوعية البحث أم لا؟، هل يمكن من خلال هذا الأسلوب الاستدلال عن المجتمع الأصلي والتعميم ؟ ، أم أنه لا يتعدي حدود الوصف؟.. إلي آخر ذلك من قضايا.وهناك ملاحظة نود أن نشير إليها في هذا الخصوص، حيث نجد كثير من الباحثين لا تتعدي بحوثهم مجرد تكويم لكثير من الإحصاءات المختلفة، فيغالون في استخدام الأساليب الإحصائية لاختبار فرضًا بعينه رغم أن ذلك يمكن أن يتحقق من خلال قليل أو واحد فقط من هذه الأساليب، والتركيز الأكثر في بحوثهم علي عرض كم كبير من العمليات والجداول الإحصائية، وكأن البحث ليس أكثر من عرض لعمليات وجداول إحصائية، فنجد بحوثهم تخلو إلى حد كبير من العرض الفكري الواف والكاف لقضايا بحوثهم، فما أن يضعوا فروضهم، حتى نجدهم يقفزون بسرعة إلى عرض كم كبير من الإحصاءات دون أن تكون هناك وقفة توسطية تبين وتشرح الأصل الذي اشتقت منه هذه الفروض ودون مناقشة كافية لنتائج إحصاءاتهم، والتبيان والشرح الواف للعلاقات بين القضايا والمتغيرات التي كشفت عنها إحصاءاتهم، فالمناقشة، والتي تعد من أهم أضلاع البحث، لا نجدها سوي عرض الجداول والتعليق علي المعادلات على حين أن التأويل الجيد للنتائج واستنطاق دلالاتها ومغزاها يبدو أنهما أمران لا يحوزان اهتمامهم.
حقيقةً، يقتضي الأمر أن يكون الباحث ملما بالأساليب الإحصائية وأساسها الفكري ومتى وكيف يستخدم أساليبًا بعينها دون غيرها ، لكن الأمر في ذات الوقت لا يعني المغالاة وإنما الاقتصاد في استخدامها ، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا يعني الأمر أمر أن نقفز خطاً وبسرعة إلا عرض العمليات والجداول الإحصائية دون أن نكون مهدنا لذلك بحسن تحليل المشكلة تحليل المشكلة ودقة صياغة الفروض والعرض النظري المحكم والجيد البناء، ودون أن نشرح ونؤول نتائج هذه العمليات الإحصائية على نحو كاف يبين بوضوح ودقة معانيها ودلالاتها المتضمنة، هذا هو العمل أو هذه هي العملية العلمية.
إذن نحن كباحثين نخطئ كثيرًا إذا لم نعر اهتماما كافيًا للخطوات أو للعمليات السابقة والخاصة بالتحليل الوافي للمشكلة ودقة صياغة الفروض وكفاية شرح وتأويل النتائج، ونخطئ في هذه الوثبة السريعة وغير المحسوبة من التساؤلات أو الفروض إلى العمليات والتحليلات الإحصائية المسهبة، ونخطئ أيضًا إذا ما كثرنا اهتمامنا على العرض المطول ( والممل) لهذه الكثرة من العمليات والتحليلات الإحصائية بوصفها دليلاً (في اعتقادنا الخاطئ) على حسن الصنعة وإتقان مهارات البحث، ونخطئ كذلك إذا لم نوجز نتائج تحليلاتنا التي لا بد أن تتصف إلى جانب ملائمتها بالبساطة)، وأفردنا لها ما يفي ببيانها وحسن تأويلها، حتى تصل بسلاسة ويسر إلى الآخرين الذين سيطلعون بالطبع على عملنا متخصصون كانوا أم غير متخصصين، فلن تؤدي بهم الأرقام والمعادلات في كثرتها إلى الاستيعاب والفهم لعملنا ، بل إلى الإرباك والعزوف، هذا إذا ما آمنا أن بحثنا عمل أو نشاط اجتماعي يستهدف بالأساس أن نتواصل به مع الآخرين وأن علينا حتى نحقق التواصل الفعال معهم أن تكون رسائلنا (نتائجنا إليهم واضحة ومبسطة، وأن ذلك لن يتأتى إلا إذا أوجزنا نتائجنا (رسائلنا) وبينا تأويلها بشكل كاف لا أن نعرضها أرقام ومعادلات، ونترك مهمة استجلائها وتوضيح معانيها إلى القارئ.
ما نقصده أنه من المهم أن تتوافر للباحث النفسي المعرفة والدراية الكافية بالطرق الإحصائية المختلفة. ومع ذلك، يجب أن يعي في المقام الأول، وكما أشرنا أن الإحصاء أداة وليست منهجاً أو غاية بذاتها، وهي فقط تعطي مؤشرات يمكن من خلالها قبول أو رفض فروضنا، وذلك بالطبع، في حدود، تلك هي و وظيفة الإحصاء في البحث السيكولوجي. وقد قدمت الإحصاء وظائف هامة للبحث في المجال السيكولوجي، لا يمكن الإحصاء في علم النفس بحال التقليل من شأنها وبفضلها أنجز البحث السيكولوجي خطوات هامة علي طريق المنهج العلمي، والتحقق العلمي من الفروض والنظريات النفسية. إلا أنه، ومرة آخري، لا بد أن نعي حدودها، ولا بد أن نعرف أن الأرقام الخام لا قيمة لها إلا إذا وعي الباحث بأساسها الفلسفي ودلالتها واستطاع بإتقان أن يستنطقها ويفسر ويبين كيف هي تؤدي أو تدحض فروضه البحثية ...
المحتويات
- الفصل الأول : أصول البحث النفسي.
- الفصل الثاني: المعاينة - الاستعيان
- الفصل الثالث : صياغة فروض البحث
- الفصل الرابع : المعالجات الإحصائية لبيانات البحث
- الفصل الخامس : الإحصاء الاستدلالي
رابط الكتاب
حقوق الكتاب محفوظة لدار النشر
للحصول على الكتاب 👈 اضغط هنا