علم الإنسان
الأنثروبولوجياتأليف : زينب زيود
نشر : منشورات جامعة دمشق
2017
وصف الكتاب
الأنثروبولوجيــا هــي علم دراسة الإنسان طبيعياً واجتماعياً وحضاريا، إنها المعرفة المنظمة عن الإنسان وهو الدراسة العلمية للإنسان في كل زمان ومكان، ولا يتقيد بفترات الزمن أو بحواجز المكان، ولكنه يتقيد ببحث موضوع واحد لا يخرج عنه و الإنسان. وتهدف الأنثروبولوجيا إلى دراسة الحياة البشرية والحضارية دراسة واقعية، وذلك للوصول إلى أنماط إنسانية عامة، في سياق الترتيب التطوري الحضاري العام للإنسان. إضافة إلى استنتاج المؤشرات والتوقعات لاتجاه التغيير المحتمل في الظواهر الإنسانية الحضارية التي تتم دراستها.يمكننا أن نعتبر الأنثروبولوجيا علماً حديثاً يقرب عمره من قرن وربع القرن تقريباً، ولأن الانثروبولوجيا تعنى بدراسة النظريات تتعلق بطبيعة المجتمعات البشرية، فإننا نستطيع أن نعدها، من جهة أخرى، من أقدم العلوم. إذ هي بدأت مع أقدم تأمّلات الإنسان حول تلك الموضوعات مع مطلع القرن العشرين بدأت تتضح ملامح الدراسات الأنثروبولوجية الفيزيقية والثقافية علـ د سواء. فقد فقد أصبحت الأنثروبولوجيا تخصصاً أكاديمياً معترفاً به.
إن الأنثروبولوجيا علم قائم بذاته خاص بدراسة التاريخ الطبيعي لمجموعة أوجه النشاط البشري وقد مرّ بعدد من المراحل ، فمنذ عهد الاستكشافات الكبرى بالقرن الخامس عشر، تراكمت كميات من المعلومات الأنثروبولوجيا، بالإضافة إلى ما قدمته الجيولوجيا لعلم الأنثروبولوجيا، واهتمام علماء الأنثروبولوجيا بدراسة الشعوب البدائية.
إن تاريخ الأنثروبولوجيا هو غير منفصل عـن تـاريخ الاستعمار (والتبشير) الأوروبي، ولا يتحرج المستعمرون أبداً مــن اعترافهم بـأنّ دراساتهم الأنثروبولوجيا للشعوب هو لتأمين قاعدة للإرشادات السياسية والسيطرة الإدارية لهم على تلك الشعوب، فهم يرون ذلك وضعاً شرعياً وضرورياً وإنسانياً يسوغه تفوق المجتمع الغربي في مجال العلوم الاجتماعية، والحجة هي نقل هذه الشعوب إلى مرحلة المدنية والتقدم الأحداث
وفي حين استطاع الأنثروبولوجيون الغربيـون التنبؤ بـبعض في مجتمعاتهم عجز الباحثون في الوطن العربي عن التنبؤ بالصراعات التي تعصف بعالمنا، وإن كانت المجتمعات في حال تغير دائم، فعلينا اختيار التغير الذي نريده نحو الأفضل، مما يحتاج إلى دراسات معمقة لثقافتنا العربية، فلا يمكن لنا أن نتقدم دون القيام اسات أنثروبولوجيا نقدية توفر معلومات دقيقة، وتكون على مستوى الطموح الذي يسهم في حل المشكلات الخطيرة التي يواجهها المجتمع العربي.
تابع القراءة في الصفحة الثانية
↚
تتناول الأنتروبولوجيا بالبحث أصل الإنسان في ميثولوجيا الشعوب ، الإنسان كان دائماً ولا يزال موضع التأمل والدراسة من قبل الكثير من العلوم الطبيعية والإنسانية على حدّ سواء، فقد عاشت البشرية عشرات القرون وهي تعتمد في المعارف الخاصة بأصل الحياة علــى قصص تقليدية، لكل أمة صيغتها الخاصة بها، وهذه القصــص قـدعاقت التفكير العلمي بشأن البحث عن أصل الحياة. وتتخذ أساطير الخلـق والتكوين مكان المركز في أي منظومة ميثولوجية. فهي التي تتحــدث عــن أصل الكون. وكيف ظهر العالم إلى الوجود، وعن أصل الآلهة وأنسابها ومراتبها وعلاقتها بعضها ببعض . إن وجود الإنسان في دنياه الغريبة جعله يتساءل عن سر بدء الحياة على هذه الأرض، وفي هذا الصدد ظهرت النظريات المتنوعة والمختلفة عن نشأة الحياة على الأرض.وتؤلف الأنثروبولوجيا والعلوم الأخرى – ولا سيما العلــــوم الإنسانية - منظومة من المعارف والموضوعات التي تدور حول كائن موضوع الدراسة، وهو الإنسان، ويأتي هذا التشابك (التكامل) بين هذه العلوم بالنظر إلى تلك الأطر المعرفية والمناهج التحليلية، التي تنظم العلاقة المتبادلة والمتكاملة بين المجالات المعرفية المختلفة التي تسعى إليها هذه العلوم. وتتعدد فروع الأنثروبولوجيا وفقا للتطورات والتغيرات التي تتضمنها وتشملها في دراستها للانسان وتطوره من الجوانب الطبيعية، والنفسية، والاجتماعية والثقافية والسياسية، والحضارية.
فالأنثروبولوجيا الطبيعية هي فرع من علم الإنسان المختص بدراسة آليات التطور البيولوجي والقدرة على التكيف وتنوع الأعراق عند البشر المعاصرين والرئيسيات العليا والسجل الأحفوري لتطور البشر . وقد أدى اهتمام العلماء الأنثروبولوجيين بدراسة التباين بين الشخصيات في الثقافات المختلفة إلى ظهور فرع متخصص يعرف بالأنثروبولوجيا النفسية أو الثقافة والشخصية، يتحدّد في العلاقة بين الثقافة والشخصية.
والأنثروبولوجيا الثقافية هي فرع آخر من فروع الأنثروبولوجيا، تقوم بدراسة الإنسان من حيث هو عضو في مجتمـع لــه ثقافة معينة والأنثروبولوجيا الثقافية تدرس الشعوب القديمة، كمـا تـدرس الشعوب المعاصرة. كما أنها تهدف إلى فهم الظاهرة الثقافية وتحديد عناصرها، ودراسة عمليات التغيير والتمازج الثقافي، والمقارنة بين الثقافات، وتفسير أطوار ثقافة ما في مجتمع ما.
وتعالج الأنثروبولوجيا الحضارية في دراستها الإنسان في نطاق منظومته الحضارية ، تعالج تباين سلوكه ونشاطه اليومي على ضوء تبـاين ظروفه الموضوعية المحددة لأدواره في المجتمع .فق كان الإنسان يصارع البيئة من اجل البقاء فكان تفكيره لذاته، ولكن بعد سلسلة من قفزات الارتقاء التي تتخلل بالإبداع والانتقال إلى الأفضل بفعل مجهوده الفكري ومهاراته المتراكمة ومتعته في ممارسة ما يتقن ويحسن عمله، انطلق من معطيات خلقية لبناء حضارة لتفيد تنظيماته الاجتماعية وهكذا أصبح الإنسان في هذه الخطوة يفكر ويبني اجتماعيا وهـذا هـو ســر العلاقة بين الحضارة والمجتمع.
والأنثروبولوجيا الاجتماعية هيالدراسة التكاملية المقارنة القائمة على ملاحظة السلوك الإنساني في مضمونه الاجتماعي. وهي دراسة تكاملية لأنها تتبنى المنهج الكلي. وهي دراسة مقارنة بمعنى أنهــا تــدرس نظام القرابة أو الاقتصادي في مجتمع معين، ثم تقارن بين هذا النظام ونظيره في مجتمع آخر. وتهتم الأنتروبولوجيا الاجتماعية بمجال محدد من مجالات العلوم الاجتماعية وهو دراسة مجموع البناء الاجتماعي لأي جماعة أو مجتمع، بما يحويه هذا البناء من علاقات وجماعات وتنظيمات.
أما علم الأنثروبولوجيا الاقتصادية فيتناول دراسة مجموعة من الموضوعات الأنثروبولوجيا من وجهة نظر علم الاقتصاد. لقد أسهم علــم الإنسان إسهاماً فعالاً في إثراء علم الاقتصاد بما قدمه من دراســات عــن المجتمعات البدائية والبسيطة والمنعزلة، وقد حلل علماء الإنسان، وفسروا النظم الاقتصادية لتلك المجتمعات وفقا لثقافة تلك الجماعات، وتتبع تاريخها وتطورها وأنواعها المختلفة، وعلاقة تلك النظم الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة ببقية الأنظمة الأخـرى فـي تلـك المجتمعات.
وتتناول الأنثروبولوجيا السياسية بالدراسة أثر المتغيرات الاجتماعية والحضارية في تشكيل بنية السلطة السياسية، وتغيـر أنظمــة الحكم في المجتمع ، والأنثروبولوجيا السياسية هي دراسة الجوانب الاجتماعية والسياسية للمجتمع وصلاتها مع قضايا أخرى مثل مسألة السلطة، ومصدرها، وأثرها في المجتمع. أيضاً تبحث في العلاقة بــين الأفراد داخل المجتمع، وتوزيع السلطة، وتبحث في الطرق التي يستخدمها الأفراد في الحصول على السلطة ونوعها ومدى سيطرة أولئك الذين يملكون السلطة على المجتمع.
ويمثل الفولكلور الشعبي مدخلاً لدراسة حضارة الإنسان، لأنّـه يشمل الجوانب القيمية والأخلاقية والجمالية والإبداعية التي يطرحها الإنسان عبر تاريخه الطويل. وعد الأنثروبولوجيون علم الفولكلور فرعا من فروع الأنثروبولوجيا.
إن الكتاب الحالي ما هو إلا محاولة لإعطاء فكرة عن الأنتروبولوجيا لما لها من أهمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية، والتشجيع على تقدما لمعرفة بالأنتروبولوجيا من خلال الدراسات الجدية والموضوعية وذلك في سعي نحو إيجاد أنثروبولوجيا عربية، تتجه دراساتها نحو مشكلات المجتمع العربي، وتسهم في تقدمه بمــا يناسب معطيات العلوم الإنسانية المختلفة.
رابط الكتاب
للحصول على نسخة 👈 اضغط هنا