متحف الطفل ومكتبته
تأليف : هیثم محمود - محمد شيخو
نشر : منشورات جامعة دمشق
مقدمة الكتاب
لعلّ إحدى سُنن الكون أنّ الإنجازات الكبيرة تبدأ بأفعال صغيرة، فأشجار الزيتون الباسقة التي نستظل بظلها، ونأكُلُ من ثمرها وتستطب بزيتها، كانت في يوم من الأيام شتولاً صغيرة، إلا أن هذه الشتول وجدت من يتعهدها بالرعاية والحماية ويوفّر لها المنبت الخصيب وشروط النمو السليم ومتطلباته حتى غَدَت أشجاراً مثمرة. ذاك أيضاً شان الإنسان الذي يبدأ حياته في عالم الطفولة، ذلك العالم الفريد بخصائصه وسماته.تعهد المجتمعات بأبنائها إلى مؤسسات التربية والتعليم المتنوعة من رياض أطفال أو مدارس أو معاهد وتوفّر لهم المناهج والخطط التعليمية ومستلزماتها لأنها ترى في هؤلاء الأبناء استمراراً لها وجوداً ورفاهية. وإمعاناً في السعي نحو الكمال تقوم هذه المجتمعات بإعداد الأطر التربوية التي من شأنها نقل خبرات المجتمع وآماله إلى عالم الطفولة.
إلا أن التحديات في ميدان التربية والتعليم كبيرة ومستمرة استمرار الزمن، فعلى النظم التربوية مواكبة العصر الذي تنتمي إليه، فمن واكب حقبة استخدام الجلود كحامل لحبر الكتابة سرعان ما تحوّل إلى استخدام الورق بعد اكتشافه، وكما تحوّل حامل الريشة إلى استخدام القلم نشهد في زماننا تحوّل الناس من استخدام القلم إلى النقر على لوحة المفاتيح.
ولعل من أهم التحديات التي تواجه عالم التربية والتعليم في العصر الراهن هو التحول من الكم إلى الكيف، فنوعية مخرجات النظم التربوية هي في سُلَّم الأولويات في معظم المجتمعات وعلى التعليم ليس فقط أن يتجاوز مرحلة الاقتصار على الجوانب النظرية، إنما يجب أن يرفع كفاءة الطفل في نقل مكتسباته المعرفية إلى مجتمعه.
ولهذا ظهر اتجاه نحو عدم الاقتصار على نُظم التعليم الرسمي في نقل الخبرات والمعارف والمهارات إلى الأطفال وإنما متابعة هؤلاء الأطفال وتوفير شروط نموهم وتعلمهم داخل المدرسة وخارجها عبر مؤسسات تعلم أخرى كالمتاحف ومكتبات الأطفال والتي تعتبر من أهم أنواع المكتبات، نظراً لأنها أول مكتبة يقابلها الطفل في بداية حياته، ويتوقف على تجربته معها مدى استخدامه للأنواع الأخرى من المكتبات والاستفادة منها في مراحل عمره المختلفة.
هذا فضلاً عن أن مكتبة الطفل تلعب دوراً مهماً في حياة الطفل، فهي مداركه وتوسع أفقه وتساعده على اكتساب العلم والمعرفة وتغرس فيه حب القراءة والاطلاع، والإفادة من مختلف مصادر المعلومات، كما أنها بالإضافة إلى هذا كله هي المكان الذي يستمتع فيه الطفل بممارسة عديد من الأنشطة و الهوايات المفضلة لديه.
هذا فضلاً عن أن مكتبة الطفل تلعب دوراً مهماً في حياة الطفل، فهي مداركه وتوسع أفقه وتساعده على اكتساب العلم والمعرفة وتغرس فيه حب القراءة والاطلاع، والإفادة من مختلف مصادر المعلومات، كما أنها بالإضافة إلى هذا كله هي المكان الذي يستمتع فيه الطفل بممارسة عديد من الأنشطة و الهوايات المفضلة لديه.
والمكتبة هي المنبع الرئيسي للمعرفة في هذا العالم الحديث.. والتربية المكتبية اليوم تستهدف تنشئة طفل الغد الذي يستطيع أن يكون على مستوى العصر في مجتمع القرن الحادي والعشرين.. مسلحاً بالعقلية العلمية.. عالماً بمصادر المعرفة.. وكيفية استعمالها.. مدرباً على أساليب البحث العلمي.. محباً للقراءة.. متقناً لفنونها .. مغرماً بالكتب .. عارفاً بقدرها وقيمتها.. وكيفية التعامل معها .. مدرباً على كل هذا تدريباً عملياً مثمراً فعالاً يحيل هذا الكلام النظري إلى سلوك وعادات وممارسات تصبح جزءاً من شخصيته وتصرفاً عادياً في مختلف مواقف حياته..
وفي هذا الكتاب متحف الطفل ومكتبته سنحاول تسليط الضوء بشيء من التفصيل على بعض الأسس والقواعد الناظمة للمتاحف التعليمية ولاسيما الخاصة بعالم الطفولة وكذلك الأسس والأبعاد المعرفية الخاصة بمكتبة الطفل من خلال عرض شامل ومتكامل لها مع التركيز على أنواع مكتبات الأطفال وأهدافها وإدارتها وتنظيمها والخدمات والأنشطة التي تقوم بها مع مراعاة المراحل العمرية للأطفال، وذلك بأسلوب سهل ومبسط يناسب الدارسين لمقرر متحف الطفل ومكتبته.