علم الإجتماع العائلي
تأليف : محمد العبد الله - أديب عقيل - بهاء الدين تركية
نشر : منشورات جامعة دمشق
2015مقدمة الكتاب
يعد علم اجتماع العائلة أحد ميادين علم الاجتماع العام، وهو كغيره من العلوم له موضوعاته، وأساليبه، وطرائقه الخاصة به فدراسة العائلة لفتت نظر بعض العلماء المختصين، ففريدريك لوبلي يعد من أوائل المهتمين بالأسرة (القرن الثامن عشر)، وقد هدف للتعرف إلى ظروف المجتمع من خلالها ، فدرس بعض الجماعات من أسر العمال في بعض البلدان الأوروبية، ومن العلماء الذين بحثوا قديماً في هذا المجال (باخوفين) عام 1961، و(ماكلينان) الذي بحث في أصل الزواج، وأنجلز، أما الاعتراف الرسمي بعلم الاجتماع العائلي فكان على يد العالم الأنثربولوجي الأمريكي (مورغان) حول المجتمع القديم عام 1877.إن موضوع العائلة موضوع حساس كونه يثير كثيراً من القضايا والمسائل الاجتماعية الأسرية، على الرغم من ذلك لم يتوصل علماء الاجتماع إلى تعريف واضح شامل جامع ومانع لها، لكن العائلة تبقى دعامة كبرى من دعائم المجتمع، وركيزة أساسية فيه رافقت تطور المجتمعات منذ زمن بعيد إنه علم يدرس الحوادث والتغيرات الاجتماعية ضمن العائلة، كأنماط الزواج وعلاقات القربى ومسائل التنشئة، والخصائص التي تقوم بها العائلة، والعوامل التي تؤثر وتتأثر فيها. ويدرس الطلاق والزواج، والمشكلات الأسرية بشكلها العام ويهتم بتفسير العلاقات المتبادلة بين الأسرة باعتبارها نسق اجتماعي وبقية الأنساق الاجتماعية الأخرى، كما يدرس بعض الظواهر الاجتماعية كتعدد الزوجات، وطبقات المحارم، التي تحدد الزواج من الأقارب، والعلاقات بين الآباء والأبناء، والعنف الأسري، والسعي من أجل مجابهة التغيرات التي تطرأ على العائلة، والتي تعود لأسباب التطور، والثورة التكنولوجية التي أحدثت كثيراً من التطورات التي تركت بصماتها ضمن نطاق العائلة.
لذلك تحتل الأسرة مكانة هامة في علم اجتماع العائلة، كونها من أبرز الموضوعات التي يدرسها، فهي أصغر خلية في المجتمع، وهي أساس بنائه، وتتميز بأنها أصغر حجماً من العائلة، فالعائلة أشمل وأعم منها . إن النظام الأسري من أكثر الأنظمة شيوعاً . إذ يصعب تطور حالة الإنسانية دون وجودها ضمن أسر تحقق الاستقرار النفسي لأفرادها، فهي الملجأ الأساسي الذي يحتمي به الإنسان من العوارض التي تعترض طريقه عبر الحياة، فهذه المكانة التي تتميز بها الأسرة، دفعت الدول كافة عبر سياساتها للعمل من أجل الحفاظ عليها، وإعلاء شأنها، لتبقى سليمة مستقرة.
تابع القراءة في الصفحة الثالية
↚
من جانب آخر تأثرت الأسرة كثيراً بانتشار الثورة الصناعية، وانتشار الثقافات، واتساع دائرة الحياة، وتطور الإنتاج، ودخول المرأة ميدان العمل، وما إلى هنالك من تغيرات تركت آثارها على الأسرة التي تشكل مؤسسة اجتماعية صغيرة نشأت عن ظروف الحياة والطبيعة التلقائية للنظم والأوضاع الاجتماعية، وهي ضرورة حتمية لبقاء الجنس البشري ودوام الوجود الإنساني، وأفرادها يرتبطون برابطة قرابة، وتختلف أوضاعها باختلاف ثقافات الأسر.
استناداً لما ذكر يأتي هذا الكتاب ( علم الاجتماع العائلي) عبر فصوله المتعددة، وفي مقدمتها الفصل الذي يتحدث عن تعريف علم الاجتماع العائلي، وتطور موضوع الأسرة ،وأصلها، والأساس الانثوبولوجي لها، ليوضح خصائصها في المجتمعات القديمة ونظرة الفلاسفة لها باعتبارها نظاماً اجتماعياً لها مجموعة من الأنماط والنظريات التي تحدثت عنها إضافة إلى وظائفها.
يأتي بعده الفصل الثاني ليتحدث عن الشباب والفراغ وارتباطه بكل من التنشئة والاغتراب والصالة والتنمية. ويظهر الغنى المعرفي لهذا الكتاب من خلال تناوله موضوعات حيوية وعصرية كالعنف الأسري ضد الأطفال والعوامل المؤثرة فيه، والتوافق الزواجي وعلاقته بتكوين الأسرة، والأهمية النظرية لدراسة العائلة، والتطورات التاريخية في دراسة الأسرة وخصائصها ، كما تم إدراج أحد الفصول عن ضرورات الزواج ومدى أهميته في الاجتماع الإنساني.
تناول الكتاب أيضاً شرحاً مفصلاً لموضوع الأسرة في المجتمع الغربي، والأسرة الغربية من حيث الوجود والماهية وصور وواقع الزيجات طويلة العمر، إضافة إلى بعض الفصول التي أوردت نماذج دراسات علمية في علم الاجتماع العائلي، التي أسهبت في عرض ظاهرة الطلاق وأنماط الاستهلاك لدى الطفل ونموذج عن الشباب وثقافة العولمة، والفروق الجنسية وصناعة الأدوار بين الرجل والمرأة، والتلفزيون وتحديات التنشئة الاجتماعية، والشباب وموضوع الصداقة لينتهي بموضوع حقوق الأسرة من خلال الاتحاد الدولي للمؤسسات العائلية والإعلان العالمي لحقوق الأسرة وغيرها.
وفي الختام يرى الباحثون أن الأسرة هي الخلية أو اللبنة الأولى في المجتمع، فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع ، وإذا فسدت فسد المجتمع وانهار بنيانه. من هنا تجدر الإشارة إلى أن موضوع الأسرة يدخل ضمن اختصاص علم اجتماع العائلة، ولو استعرضنا التاريخ البشري وآراء المفكرين والعلماء يلاحظ القارئ أنهم ربطوا استقرار المجتمع وتطوره باستقرار الأسرة وتطورها، فموضوع العائلة على درجة بالغة من الأهمية من حيث التصاقه بحياة المجتمعات الإنسانية وتطورها عبر مراحل التاريخ.
ومن هنا تأتي أهمية هذا العمل الفكري الأكاديمي المتواضع الذي انصبت فيه آراء الباحثين المؤلفين له ليشكل رصيداً فكرياً لدى مكتباتنا ولدى طلبتنا في اختصاص علم الاجتماع.
رابط الكتاب
للحصول على نسخة 👈 اضغط هنا