كتاب المنهج التربوي ومهارات التواصل

وقد تنامى البحث فيه بصورة مع ثورة الاتصالات في العصر الحديث وشيوع انشغال الناس بوسائل التواصل، مع ما لا يخفى لها من أثر مشاهد سلبي أو إيجابي. ولما كانت التربية هدفاً رئيساً من أهداف البعثة النبوية -وإنمـا هي رسالة ودعوة هداية إلى البشرية عامة- ، ولا يمكن تحقيق هذا المقصد من دون قيام التواصل بين المربي ومن يهدف إلى تربيتهم، كان من الجدير بنا أن نهتم في عصرنا هذا بالإحاطة بمهارات التواصل التي ذاع صيتها والاهتمام بها. 

وإلى جانب كون مهارات الاتصال ملكةً فطريةً، فإنها كذلك قابلة للتطوير والترقية؛ إذ تقوم العوامل الثقافية والاجتماعية بدور مهم في درجة اكتسابها، فكـم مـن متحدث أو خطيب اكتظ مجلسه بالمستمعين، وآخر أخذ مستمعوه بالتناقص قبل أن ينتهي من حديثه. ويَكْمُنُ السبب وراء ذلك في أمور منها : ربط الحديث بواقع الحياة اليومية، واستخدام الجمل الإخبارية إلى جانب الاستفهاميّة، بالإضافة إلى الحركات واختلاف نبرات الصوت والتشديد على النّقاط المهمة وما أشبه ذلك، مما يتمتع به بعض النّاس وحرم منه آخرون. 

وكلّما نجح الإنسان في إتقان هذه المهارات كانت درجة الاستجابة لدى الآخرين أكبر، حتى يصير الاتصال أمراً مؤثراً في حياة البشر، تتقارب به الشعوب والقبائل والأمم، وتنصهر الثقافات والطبقات. وذلك ما يستلزم تحقيق ما يسمى بـ (الاتصال الفعال). وهو بحاجة إلى الكثير من أصناف المهارات، وتستأثر (مهارات الاتصال الشخصي) بأهمية خاصة.

ويلاحظ القارئ أننا عمدنا في هذا الكتاب إلى التركيز على استعمال مصطلح (الاتصال) بدلاً من (التواصل) الوارد في عنوانه، نظراً إلى ما ستأتي الإشارة إليه من شموله الأوسع دلالة، مع أن المضمون لن يكون فيه كبيرُ فرق من حيث المفردات المدروسة على أي من المصطلحين. وقد سلك هذا النهج - باعتماد مصطلح (الاتصال) - عدد كبير من الباحثين في هذا الميدان وأدخلوه في عناوين مؤلفاتهم. مثل :

• الاتصال ومهاراته للدكتور أحمد عزوز.
• فن الاتصال، تأليف : برت دكر ترجمة عبد الرحمن الشمراني.
• مدخل الى علم الاتصال للدكتورة منال طلعت محمود.
• الاتصال .. المهارات والنظريات وأسس عامة، للدكتورة خضرة عمر المفلح
• مهارات الاتصال والتعلم، للأستاذ باسل محمد صوان
• الاتصال والعلاقات العامة المعاصرة و فاعلية الاتصال الحواري في العلاقات العامة عبر الإنترنت مع جمهور مؤسسات التعليم العالي، كلاهما للدكتور خالد إسحاق.

ثم إنه لا يخفى كما سبقت الإشارة إليه - أن التربية بالمفهوم العام ذات طابع تفاعلي بين المربي وبين المتلقي، حيث يكون العطاء من المربي، ويكون التلقي والتأثر والانفعال من المتلقي. ومالم تقم التربية على التفاعل والانفعال بين المربي والمتلقي تصبح عملية التربية عملية ميتة لا رُوحَ فيها ولا حياةً ولا نَماء، ولا يكاد يترتب عليها أثر ذو فاعليّة أو فائدة. كما أن التربية الإسلامية هي مجموعة من الأصول الخاصة ببناء الإنسان المسلم في ضوء القرآن الكريم والسنة الشريفة، بهدف بناء الشخصيّة الإسلاميّة المتكاملة التي تعمل لخير دنياها وآخرتها.

ولا شك في أن هذه الأصول تجليها مجموعة من الأساليب التربوية الإسلامية المستقاة من النصوص والتوجيهات القرآنية والنبوية، استطاع النبي ﷺ من خلالها أن يُكوّن مجتمعاً متماسكاً مترابطاً، يتصف أفراده بالالتزام بالحق والخير ونبذ الباطل والشر، وتسود فيه
هذه الأخلاق والقيم الفاضلة وهذا يرشدنا إلى أهمية هذه الأساليب في العمل التربوي. وإنه لا يمكن للمربّي أن ينجح بعمله التربوي النّجاح الأمثل مالم يجعل من الأساليب التربوية نبراساً له يهديه السبيل ويوضح له معالم الطريق. 

ومن ثَمَّ فلو وُجِدَ المربّي الكفء، وكانت المنهجية سليمةً في أصولها وقواعدها؛ ولم يوفق المربي إلى انتهاج الأسلوب الأمثل، فإنّه لن يحقق النّجاح المرغوب به، ولكان ثَمَّةَ قصور في أدائه لمهمته التّربويّة، بل ربّما كان منفّراً للمتربّين على الرّغم من صحة قصده ومضمون ما يقدمه لهم. فما أحرانا أن نتعرّف الأساليب التّربويّة الإسلامية، كي ننهل منها في مسيرتنا وعملنا التربوي النافع إن شاء الله تعالى. ونستضيء من أجل تعميق معرفتنا بهذا المنهج بنماذج متميزة من الجهود التربوية السالفة في تاريخ الإسلام المجيد.

جاء كتاب "المنهج التربوي ومهارات التواصل" مكوناً من أربعة فصول. قام الدكتور حسان القاري بكتابة الفصل الأوَّل، وقامت الدكتورة ريمة الصياد بكتابة الفَصْلِ الثَّاني فيما كتب الدكتور أحمد الزبيبي الفصلين الثَّالث والرابع. ويعالج كل فصل منها عدداً من المفردات على النحو الآتي:

• الفَصْلُ الأوَّل: مهارات التواصل
• المبحث الأوَّلُ : المهارة والاتصال المفهوم، والأهمية، والمبادئ) المبحث الثَّاني : تقويم الاتصال (فعالية الاتصال، ومهاراته)
• الفصل الثاني : مقومات المنهج التربوي الإسلامي
• المبحث الأوَّلُ: مفهوم التربية في الإسلام وأهدافها وخصائصها
• المبحث الثَّاني : مجالات التربية الإسلامية
• المبحث الثالث : وسائط التربية الإسلامية
• المبحث الرابع : التربية بحسب المراحل العمرية
• الفَصْلِ الثَّالث : الأساليب التربوية في الإسلام المبحث الأوَّلُ : التربية بالتطبيق العملي المبحث الثاني: التربية بالحوار.
• المبحث الثالث: التوجيه بالنماذج
• المبحث الرابع: العظة والعبرة
• المبحث الخامس : التربية بأسلوب التحفيز
• المبحث السادس : التربية بأسلوب التعزيز
• الفصل الرابع : نماذج من الجهود التربوية في الإسلام 
• المبحث الأوَّلُ : جهود الإمام الغزالي في الميدان التربوي
• المبحث الثَّاني : جهود ابن خلدون في الميدان التربوي

رابط الكتاب