الأسرة والاضطرابات النفسية
طباعة : مطبعة رويغي - الأغواط - الجزائر
مقدمة الكتاب
تبدو المعاناة النفسية متأصلة في الحياة الإنسانية، ويمكن أن تسبب هذه المعاناة اضطرابات نفسية بمرور الوقت، وتتخذ أشكالًا ومعاني مختلفة حسب الثقافات المختلفة، والاضطرابات النفسية سواء كانت سببًا أم نتيجة هي تعبير عن الاختلاف والاضطراب من الذات إلى الذات أو من الذات اتجاه مجموعة من الأفراد. وتجد الأسرة نفسها في خط المواجهة أمام هذه الاضطرابات النفسية، وتعيش حياتها في محاولة دائمة لمتابعة المريض ورعايته، وعندما ينتج عن ذلك عبء نفسي وصعوبات نفسية مستمرة، يصبح التأثير على التوازن الأسري أمرا حتميًا.وعند تناول الاسرة والاضطرابات النفسية نجد هناك العديد من الأخذ والجذب، حيث تری نظريات العلاج الأسري المختلفة التي تندرج تحت مسمى "أنظمة الأسرة" بأن التفاعلات المختلة في الأسر هي السبب الأساسي الذي يؤدي إلى العديد من الأعراض النفسية المختلفة لدى الأفراد. وقد كان لقضايا اللوم والشعور بالذنب تأثيرًا سيئا بشكل خاص عند مناقشة أصول الاضطرابات النفسية المختلفة خصوصا اضطراب الفصام. من جانب أخر ، تشير الدلائل المتزايدة حاليا أن الأطياف المعقدة للاضطرابات النفسية مرتبطة بالجينات غير المتجانسة وعوامل الخطر البيئية التي تؤثر على العمليات الفيزيولوجية المرضية المتنوعة.
إن تحديد الاضطرابات بأنها أمراض دماغية حقيقية تنجم أساسًا عن مشاكل نفسية وشخصية، أو قد تنبع من الاثنين مازالت محل أخذ وجذب. وفكرة أن التربية بمفردها أو النسق الأسري وحده هو المسؤول عن هذه الاضطرابات قد عفا عليها الزمن الآن مما يبعث على الارتياح الشديد للأسر التي ألقي باللوم عليها في ألم أعضائها، لكن هذا لا ينفي أن الإجهاد الأسري أو الخلل الوظيفي غالباً ما يشارك في ظهور الأعراض والحفاظ عليها. وعلى الرغم من أن التفاعلات الأسرية المختلة وظيفياً يمكن أن تكون عوامل خطر لتفاقم أعراض الاضطراب النفسي بمجرد حدوث الاضطراب بالفعل، لكن من الواضح أنها ليست عوامل خطر لتطوره الأولي.
في هذا الكتاب، نحاول الإحاطة بدور الاسرة في الاضطرابات النفسية وكذا تأثرها بهذه الاضطرابات، كما نقدم مجموعة من الاضطرابات النفسية من منظور أسري وفق DSM5 ، وهذا الكتاب موجه في الأساس الى طلبة علم النفس لمساعدتهم في فهم الجوانب المتعلقة بالأسرة والاضطرابات النفسية.