اللغة لا تحمي ذاتها
تفاصيل الكتاب
تأليف : عبدالله البريدي - سالم السميري - محمد السلطان - إبراهيم الدغيرينشر : مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية
سنة النشر : 2019
نبذة عن الكتاب
لماذا نحمي لغتنا؟لا يسوغ لنا أن نسدل الستار في هذا الفصل عن شيء لا ينتصب للسؤال الفلسفي الأعمق : لماذا؟ وسؤال اللماذا ملتصق بالعلَّيَّة، وإن لم تكن معبئة دوماً في قوالب الضرورة والقهرية (أو السببية الصلبة ويقابلها الفضفاضة، كما في تعبير عبدالوهاب المسيري)، إذ قد يكفينا الاقتران المصاحب أو المعاند، الذي لا يبرح مكانه في موضع ما في شبكة العلاقات بين العوامل التي نمعن التفكير في جوانب من عليتها ومعلوليتها. ومردّ التقنع - من القناعة - هذا تمرد هذه العوامل وتفلتها ،وغموضها كيف لا، وهي متعلقة باللغة، وبطلها أو سفاحها هو الإنسان ذاته !
لماذا نحمي لغتنا؟ نعم، ما العلة «المقنعة»، التي تسوّغ لنا الاشتغال باجتهاد وكُلفة ودأب لضمان حماية لغتنا من غوائل الزمن وعوائد التمدن والمعاصرة ؟ أي العلل الأربع الكبار هي الأكثر أهمية وإقناعاً لنا في هذا المبحث؟ :
- أهي العلة المادية : أي الكلمات بالنسبة للغة: هل العلة الدافعة لنا هي حماية كلمات اللغة لذاتها وفي ذاتها ؟
- أم هي العلة الصورية: أي شكل اللغة : هل العلة الباعثة لنا هي الحفاظ على هيكل أو نظام اللغة نفسه؟.
- أم هي العلة الفاعلة : أي صانع اللغة: من الذي صنع اللغة ومن أوجدها أصلاً؟.
- أم هي العلة الغائية : أي غاية اللغة ما الغاية النهائية للغة في نهاية المطاف؟.
وتنتهي هنا الحكاية وعليه فإن هاتين العلتين تقصران عن إقناعنا بحشد جهودنا وأموالنا وأوقاتنا لحماية كلمات اللغة ونظامها مما يجعلنا نقذف باللغة في مهب التغيرات الحضارية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولا نبالي إذن بقدر التغير أو حتى التشوه الذي قد يلحقها في كلماتها ( مادتها ) وهيكلها (صورتها)، لقناعتنا بأن مادة اللغة وصورتها الراهنة والمستقبلة أيضاً قادرة على الوفاء بوظيفة الاتصال الإنساني وكسب معاشه وعمارة أرضه.
والعلة الثالثة تتمحور حول سؤال عن صانع اللغة وموجدها؟ هذا سؤال محير جداً، ولا طائل كبيراً وراءه. فمثلاً، لو قلنا بأن صانع اللغة الأولى هو الله تعالى، حينما فتق لسان آدمَ وعلَّمه الأسماء كلها، ثم تعلم بنو آدم كيف يعبّرون وكيف يكتبون وكيف يراكمون المعارف، فتطورت لغاتهم وفق سيرورة حياتهم وتقلباتها، ونحواً من ذلك. هب أننا قلنا بهذا أو بشيء مشابه له، ماذا عسانا نخرج به من هذه العلة الفاعلية ؟ لست بقادر على الخروج بشيء ذي بال سوى أن اللغة تتبادل مع مجتمعها التأثير والتأثر، بطريقة ما وبقدر ما ، وفق عوامل متشابكة معقدة. هذه خلاصة مفيدة بلا شك، بيد أنها لا تسد رمق سؤالنا عن العلة المقنعة الدافعة لنا لبذل جهود وتحمّل كُلف من أجل حماية لغتنا والدفاع عنها.
ولهذا، لا يتبقى لنا سوى العلة الرابعة وهي العلة الغائية. والغاية هنا ترمز إلى العلة النهائية لإيجاد الشيء على ما هو عليه. والغاية متشبثة بجوهر الشيء، لا بأعراضه، وذلك أن الجوهر يعكس ما يتوقف عليه وجود الشيء على ما هو عليه، ومن ثم تحقيق وظيفته المحورية. وهذا ما يقودنا إلى السؤال عن جوهر اللغة؟ ..
رابط الكتاب
للحصول على نسخة 👈 اضغط هنا